بلاء يوسف (ع) في الكافي و نجاته بآل محمّد (ع) مرويات الکافي (مستندا) - صفحه 208

مشهد لقاء يوسف عليه السلام وعتابه لإخوته على ما سلف منهم.

عن علي بن إبراهيم بن محمّد بن الحسين ، عن ابن أبي نجران، عن فضالة بن أيّوب، عن سدير الصيرفي، قال :
سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : إنّ في صاحب هذا الأمر شبهاً من يوسف عليه السلام ، قال : قلت له : كأنّك تذكر حياته أو غيبته ؟ قال : فقال لي: وما يُنكَر من ذلك هذه الأُمّةُ أشباه الخنازير، إنّ إخوة يوسف عليه السلام كانوا أسباطاً أولاد الأنبياء، تاجروا يوسفَ وبايعوه وخاطبوه، وهم إخوته وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتّى قال:«أَنَا يُوسُفُ وَ هَـذَآ أَخِى»۱، فما تنكر هذه الأُمّة الملعونة أن يفعل اللّه عزّ وجلّ بحجّته في وقتٍ من الأوقات كما فعل بيوسف ، إنّ يوسف عليه السلام كان إليه مُلك مصر، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوماً ، فلو أراد أن يُعلمه لقدر على ذلك ، لقد سار يعقوب عليه السلام وولده عند البشارة تسعة أيّام من بيوتهم إلى مصر ، فما تنكر هذهالأُمّة أن يفعل اللّه عزّ وجلّ بحجّته كما فعل بيوسف أن يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتّى يأذن اللّه في ذلك له كما أذن ليوسف۲«قَالُواْ أَءِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ»۳.
قالوا وتعجّبوا كلّ العجب وقد تردّدوا إليه مراراً عديدة وهم لا يعرفون أنّه هو: «أئنك لأنت يوسف»؟ فاجابهم : «أنا يوسف وهذا أخي» ؛ يعني أنا يوسف الذي صنعتم ما صنعتم، وسلف من أمركم فيه ما فرّطتم. وقوله: «وهذا أخي» تأكيد لما قال ۴ .
فكانوا كلّما أمعنوا النظر في وجه العزيز ودقّقوا ملامحه ، لاحظوا الشبه الكبير بينه وبين أخيهم يوسف، لكنّهم في الوقت نفسه لم يتصوّروا أنّه يمكن أن يكون أخوهم يوسف قد ارتقى وصار عزيزاً لمصر ، أين يوسف وأين الوزارة ؟ ! لكنّهم تجرّأوا أخيراً وسألوه مستفسرين: «أئنّك لأنت يوسف؟» .
كانت هذه الدقائق أصعب اللحظات على الإخوة، إذ لم يكونوا يعرفون إجابة العزيز وأنّه هل يرفع الستار ويظهر لهم حقيقته، أم أنّه سوف يعتقد بأنّهم مجانين إذا ظنّوا هذا الظنّ، وكانت اللحظات تمرّ بسرعة والانتظار الطويل يثقل على قلوبهم فيزيد في قلقهم، وأظهر لهم حقيقة نفسه وقال: «أنا يوسف وهذا أخي»، لكن لكي يشكر اللّه تعالى على ما أنعمه من هذه المواهب والنعم جميعاً، ولكي يُعلم إخوته درساً آخر من دروس المعرفة ۵ ، قال : «قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ»۶ .

1.يوسف: ۹۰.

2.الكافي : ج ۱ ص ۳۷۷ ـ ۳۷۸.

3.يوسف: ۹۰.

4.انظر: قصص الأنبياء لمكارم الشيرازي: ص ۱۷۰.

5.قصص القرآن لمكارم الشيرازي: ص ۱۷۱.

6.يوسف: ۹۰.

صفحه از 212