علم الأئمّة (ع) بالغيب و الاعتراض عليه بالإلقاء للنفس إلي التهلکة.. - صفحه 37

أصل المشكلة ووجه الاعتراض

الإمامة هي خلافة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم في أداء المهامّ الّتي كانت على الرسول ، فلا بدّ أن يتميّز الإمام بكلّ ما يمكن من مميّزات الرسول ، من العصمة ، والعلم ، والكمال ، وسائر الصفات الحميدة ، وأن يتنزّه عن كلّ الصفات الذميمة والمشينة .
وقيد « ما يمكن » هو لإخراج ميزة « الرسالة والنبوّة » ، فإنّها خاصّة بالرسول المصطفى ، والمبعوث بها من اللّه ، والمختار لهذا المقام العظيم ، لقيام الأدلّة ـ كتابا وسنّة ـ على أنّه صلى الله عليه و آله وسلم خاتم النبيّين ، وأنّه لا نبيّ بعده .
وقد أشبع علماء الكلام ـ في كتبهم ـ البحث والاستدلال على ما ذكرناه جملةً وتفصيلاً ، بما لا مزيد عليه .
وفي صفة « العلم » التزم الشيعة الإماميّة بأنّ النبيّ لا بدّ أن يكون عالما بكلّ ما تحتاج إليه الأُمّة ؛ لأنّ الجهل نقصٌ ، ولا بدّ في النبيّ أن يكون أكمل الرعيّة حتّى يستحقّ الانقياد له واتّباع أثره وأن يكون أُسوةً .
وكذا الإمام ، لا بدّ أن يكون عالما ـ بنحو ذلك ـ حتّى يستحقّ الخلافة عن النبيّ في الانقياد له واتّباع أثره ولكي يكون أُسوةً .
وبعد التسليم بهذا ، وقع البحث في دائرة « العلم الّذي يجب أن يتّصف به النبيّ والإمام » ، هل هو العلم بالأحكام فقط ؟ أو يعمّ العلم بالموضوعات الأُخرى وسائر الحوادث الكونيّة ، بما في ذلك المغيّبات الماضية والمستقبلة ؟
فالتزم الإماميّة بإمكان هذا العلم بنحوٍ مطلق ، وعدم تخصيصه أو تقييده بشيءٍ دون آخر من المعلومات ، في أنفسها ، إلّا ما دلّت الأدلّة القطعيّة على إخراجه .
واعتُرض على هذا الالتزام بوجهين :

صفحه از 135