علم الأئمّة (ع) بالغيب و الاعتراض عليه بالإلقاء للنفس إلي التهلکة.. - صفحه 40

تحديد محور البحث بين الاعتراضين

وفي البداية لا بدّ من التنبيه على أُمور :

الأمر الأوّل :

إنّ الاعتراض الثاني إنّما يُفرض ويكون واردا وقابلاً للطرح والمناقشة ، فيما إذا التزم بالفراغ عن الاعتراض الأوّل ، وكان المعترض بالثاني ملتزما بأنّ الرسول والإمام يعلمان الغيب ، ليفرض كون إقدامهما على موارد الخطر إلقاءً للنفس في التهلكة .
وإلّا ، فإن لم يقل المعترض بأنّهما يعلمان الغيب ، فإنّ الإقدام لا محذور فيه ، وليس من الإلقاء في التهلكة ؛ لأنّ غير العالم بالخطر معذورٌ في الإقدام عليه ، فنفس إيراد الاعتراض الثاني ، وفرض وروده يلازم ثبوت التزام المعترض بفكرة العلم بالغيب لدى النبيّ والإمام ، خصوصا مع عدم المناقشة بالاعتراض الأوّل ، كما هو المفروض في صيغ الاعتراض الثاني منذ عصور الأئمّة عليهم السلام .
وهذا يدلّ على أنّ فكرة « علم الأئمّة بالغيب » مفروضةٌ عند السائلين ، ولا اعتراض لهم عليها ، وإنّما أرادوا الخروج من الاعتراض الثاني فقط ، أو على الأقلّ فرض التسليم به والاعتراف به ولو جدلاً ، حتّى يكون فرض الاعتراض الثاني ممكنا ، وإلّا ، لكان اللّازم ذكر الاعتراض الأوّل ، الّذي بتماميّته ينتفي اعتقاد « علم الغيب » ، وبذلك لا يبقي للاعتراض الثاني مجالٌ .

صفحه از 135