علم الأئمّة (ع) بالغيب و الاعتراض عليه بالإلقاء للنفس إلي التهلکة.. - صفحه 41

الأمر الثاني :

ويظهر من الإجابات المذكورة الّتي تحاول توجيه مسألة الإقدام على ما ظاهره الخطورة والتهلكة ، هو الموافقة على أصل فكرة علم الأئمّة بالغيب ، وعدم إنكار فرضه على السائلين ، ومن المعلوم أنّ التوجيه إنّما يُلجأ إليه عندما يكون أصل السؤال مقبولاً وغير منكر ، وإلّا فإنّ الأولى في الجواب هو نفي الأصل وإنكاره وعدم الموافقة على فرض السؤال صحيحا . وهذا الأمر واضح في المحاورات والمباحثات .

الأمر الثالث :

إنّ الإمامة إذا ثبتت لأحدٍ ، فلا بدّ أن تتوفّر فيه شروطها الأساسيّة ، ومن شروطها عند الشيعة الإماميّة : « العصمة » ، وهي تعني الامتناع عن الذنوب والمعاصي بالاختيار . ومنها العلم بالأحكام الشرعيّة تفصيلاً ، فمن صحّت إمامته واستجمع شرائطها ، لم يتصوّر في حقّه أن يُقدم على محرّم كإلقاء النفس في التهلكة ، المنهيّ عنه في الآية .
وحينئذٍ لا بدّ أن يكون ما يصدر منه مشروعا ، فلا يمكن الاستناد إلى « حرمة الإلقاء في التهلكة » لنفي علم الغيب عنه ؛ لأنّ البحث عن علمه بالغيب إنّما يكون بعد قبول إمامته ، وهي تنفي عنه الإقدام على الحرام .
وهذا يعني أنّ ما يُقدم عليه هو حلالٌ مشروعٌ ، سواء علم الغيب أم لم يعلمه ، فلا يمكن نفي علمه بالغيب بفرض حرمة الإلقاء في التهلكة عليه .
ومن هنا توصّلنا إلى أنّ الاعتراض الثاني ـ وهو « أداء الالتزام بعلم الأئمّة للغيب إلى إلقائهم بأيديهم إلى التهلكة » ـ اعتراض لا يصدر ممّن يعتقد بإمامة الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام ، ويلتزم بشرائط الإمامة الحقّة المسلّمة الثبوت في كتب الكلام والإمامة .
وما يوجد من صور الاعتراض في تراثنا العلميّ إنّما هو افتراض بغرض دفع شُبه المخالفين ، وردّ اعتراضاتهم .

صفحه از 135