3 ـ عصر الشيخ المفيد رحمه الله ( ت 413 ه )
الشيخ الإمام أبو عبد اللّه ، محمّد بن محمّد بن النعمان ، البغدادي ، العكبري ، الشهير بالشيخ المفيد ، وابن المعلّم ، مجدّد القرن الخامس (336 ـ 413 ه ) .
قال فيه النجاشي ( ت 450 ه ) :
فضله أشهر من أن يُوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم ۱
.
وقال الطوسيّ ( ت 460 ه ) :
جليل ، ثقة ، من جملة متكلّمي الإماميّة ، انتهت إليه رئاسة الإماميّة في وقته ، وكان مقدّما في العلم ، وصناعة الكلام ، وكان فقيها متقدّما فيه ، حسن الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاضر الجواب ۲ .
قال ابن أبي طيّ ( ت 630 ه ) :
كان أوحد في جميع فنون العلم : الأصلين ، والفقه ، والأخبار ، ومعرفة الرجال ، والتفسير ، والنحو ، والشعر ، وكان يناظر أهل كلّ عقيدة ، مع العظمة في الدولة البويهيّة ، والرتبة الجسيمة عند الخلفاء ، وكان قويّ النفس ، كثير البرّ ، عظيم الخشوع ، كثير الصلاة والصوم ، يلبس الخشن من الثياب ، وكان مديما للمطالعة والتعليم ، ومن أحفظ الناس ، قيل : إنّه ما ترك المخالفين كتابا إلّا وحفظه . وبهذا قدر على حلّ شُبه القوم ، وكان من أحرص الناس على التعليم ، يدور على المكاتب وحوانيت الحاكة ، فيتلمّح الصبيّ الفطن ، فيستأجره من أبويه ، وبذلك كثر تلاميذه ۳ .
وقال السيّد بحر العلوم ( ت 1212 ه ) :
المفيد رحمه الله شيخ المشايخ الجلّة ، ورئيس رؤساء الملّة ، فاتح أبواب التحقيق بنصب الأدلّة ، والكاسر بشقاشق بيانه الرشيق حجج الفرق المضلّة ، اجتمعت فيه خلال الفضل ، وانتهت إليه رئاسة الكلّ ، واتّفق الجميع على علمه وفضله وفقهه وعدالته وثقته وجلالته ، وكان رضى الله عنهكثير المحاسن ، جمّ المناقب ، حديد الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاضر الجواب ، واسع الرواية ، خبيرا بالرجال والأخبار والأشعار ، وكان أوثق أهل زمانه في الحديث ، وأعرفهم بالفقه والكلام ، وكلّ من تأخّر عنه استفاد منه ۴ .
لقد وجّه هذا الاعتراض إلى الشيخ المفيد ضمن المسائل الحاجبية، فأجاب عنه ضمن الجوابات العكبرية المطبوعة ، وإليك نصّ السؤال ثمّ الجواب :
المسألة العشرون : قال السائل : الإمام عندنا مجمع على أنّه يعلم ما يكون ، فما بال أمير المؤمنين عليه السلام خرج إلى المسجد وهو يعلم أنّه مقتولٌ ، وقد عرف قاتله والوقت والزمان ؟ !
وما بال الحسين عليه السلام صار إلى أهل الكوفة وقد علم أنّهم يخذلونه ولا ينصرونه ، وأنّه مقتول في سفرته تلك ؟ !
ولم ـ لمّا حُوصر ، وقد علم أنّ الماء منه ـ لو حفر ـ على أذرع لم يحفر ؟ ! ولم أعان على نفسه حتّى تلف عطشا ؟ !
والحسن عليه السلام وادع معاوية ، وهو يعلم أنّه ينكث ولايفي ، ويقتل شيعة أبيه عليه السلام ؟ !
1.. رجال النجاشي : ص ۳۹۹ الرقم ۱۰۶۷ .
2.. رجال الطوسي : ص ۵۱۴ ؛ فهرست الطوسي : ص ۱۶۸ الرقم ۷۱۰ .
3.. سير أعلام النبلاء للذهبي : ج ۱۷ ص ۳۴۴ .
4.. رجال السيّد بحر العلوم : ج ۳ ص ۳۱۱ ـ ۳۱۲ .