مبيت عليّ عليه السلام على فراش الرسول صلى الله عليه و آله وسلم ليلة الهجرة
ثمّ إنّ مما يؤكّد جواز إقدام الإمام عليه السلام على الأخطار مع علمه بها ، هو مبيت أمير المؤمنين عليّ عليه السلام على فراش النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمليلة هجرته من مكّة إلى المدينة فاديا له بنفسه ، حتّى نزلت فيه آية : «وَمِنَ النَاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّه ِ . . .»۱ ، وقد كان ذلك بأمر النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمفتوجّه هو إلى الغار ، وأنام عليّا على فراشه وألبسه بُرده ۲ . فقال عليّ عليه السلام في ذلك شعرا ۳ :
وقيت بنفسي خير من وطِئ الحصىومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر
وبتُّ أُراعي منهُم ما ينُوبُنيوقد صبرت نفسي على القتل والأسر
ولم يكن يخفى على الرسول صلى الله عليه و آله وسلم ما يتهدّد الإمام عليه السلام من الخطر ، فكيف أمره بالمبيت وأنامه على فراشه ؟ !
وما كان يخفى على عليّ عليه السلام خطر القتل والأسر ، فكيف تعبّد بذلك وأطاع ؟ !
وقول قيل : إنّهما كانا يعلمان عدم إصابته بأذىً في ذلك ، فهو إثبات لعلم الغيب الّذي يحاول إنكاره ، مع أنّه قد كان القتل محتملاً كما قال اللّه تعالى : «وإذْ يمكرُ بِكَ الذينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أوْ يَقْتُلُوكَ أوْ يُخْرِجُوكَ»۴ ، وكما احتمله الإمام عليّ عليه السلام في شعره المذكور ؟ !
1.. البقرة : ۲۰۷ .
2.. انظر : تفسير الحبري : ص ۲۴۲ ح ۹ ؛ و ص ۴۱۰ ـ ۴۱۶ .
3.. المستدرك على الصحيحين للحاكم : ج ۳ ص ۴ ؛ وانظر : شواهد التنزيل : ج ۱ ص ۱۳۱ .
4.. الأنفال : ۳ .