كتاب الكافى - صفحه 377

أسماؤه التى يدعى بها وتعالى فى علوّ كنهه واحد، توحّد بالتوحيد فى توحّده، ثم أجراه على خلقه، فهو واحد، صمد، قدّوس، يعبده كلّ شى ء، ويصمد إليه كلّ شى ء، ووسع كلّ شى ء علما».
ثم شرح ذلك بقوله: «فهذا هو المعنى الصحيح فى تأويل الصمد، لا ما ذهب إليه المشبّهة: أنّ تأويل الصّمد: المصمت الذى لا جوف له؛ لأنّ ذلك لا يكون إلاّ من صفة الجسم، واللّه جلّ ذكره متعال عن ذلك، هو أعظم وأجلّ من أن تقع الأوهام على صفته أو تدرك كنه عظمته، ولو كان تأويل الصمد فى صفة اللّه عز و جل المصمت، لكان مخالفا لقوله عز و جل: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ» ؛ لأنّ ذلك من صفة الأجسام المصمتة التى لا أجواف لها، مثل الحجر والحديد وسائر الأشياء المصمتة التى لا أجواف لها، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.
فأمّا ما جاء فى الأخبار من ذلك فالعالم عليه السلام أعلم بما قال، وهذا الذى قال عليه السلام : إنّ الصمد هو السيّد المصمود إليه. هو معنى صحيح موافق لقول اللّه عز و جل: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ» والمصمود إليه: المقصود فى اللّغة، قال أبو طالب فى بعض ما كان يمدح به النبىّ صلى الله عليه و آله من شعره:

وبالجمرة القصوى إذا صمدوا لهايؤمّون رضخا رأسها بالجنادل
يعنى قصدوا نحوها يرمونها بالجنادل، يعنى الحصا الصغار التى تسمّى بالجمار، وقال بعض شعراء الجاهليّة شعرا:

ما كنت أحسب أنّ بيتا ظاهراللّه فى أكناف مكّة يصمد
يعنى: يقصد.
وقال ابن الزبرقان: ولا رهيبة إلاّ سيّد صمد.
وقال شدّاد بن معاوية فى حذيفة بن بدر:

علوته بحسام ثم قلت لهخذها حذيف فأنت السيد الصمد
ومثل هذا كثير، واللّه عز و جل هو السيّد الصمد الذى جميع الخلق من الجنّ والإنس إليه يصمدون فى الحوائج، وإليه يلجأون عند الشدائد، ومنه يرجون الرّخاء ودوام النعماء، ليدفع عنهم الشدائد» ۱ .

1.الكافى، ج ۱، ص ۱۲۴.

صفحه از 380