بالفساد الانتفاء رأسا وبالكلّيّة؛ فأحسِن تدبّره ۱ .
ثمّ أقول ـ في تقرير الدليل على محاذاة الحديث ـ : إنّ كلّ واحد من المشترك فيه والمميّز يجب أن يكون واجبا بالذات.
أمّا المتّفق فيه، فلما عرفت من أنّ مفهوم الواجب بالذات لا يجوز أن يكون عرضيا له خارجا عنه تعالى، وإلّا يلزم خلوّ ذاته عنه، ويلزم إمكانه، فيجب أن يكون داخلاً فيه، وجزء الواجب يجب أن يكون واجبا بالضرورة؛ لأنّ احتياج الجزء إلى العلّة مستلزم لاحتياج الكلّ إليه بالضرورة. فلو كان الجزء ممكنا، يلزم أن يكون الكلّ ممكنا محتاجا، هذا خلف.
وأمّا المميّز، فلأنّه يجب أن يكون وجوديا داخلاً في أحدهما؛ لاشتراكهما في مفهوم الواجب بالذات الذي لا يكون عرضيا خارجا عن حقيقتهما، فلو كان ذلك المعنى تمام حقيقة جزئيّة كلّ واحد منهما، فلم يكن ۲ مميّزا وجوديا داخلاً في أحدهما، فاصلاً بينهما ليرتفع الاثنينيّة بين هذين الحقيقيين الجزئيين بالضرورة، وذلك المميّز الداخل في الواجب لو لم يكن واجبا، لزم إمكان الواجب بالذات كما مرّ آنفا، وهو محال. وعلى هذا فيكون الواجب الواحد المشتمل على المميّز الوجودي الداخل اثنين لا واحدا، ويكون الاثنان اللذان ادّعيتهما ثلاثةً، وعلى تقدير كونه ثلاثةً يلزم أن يكونوا خمسة وهكذا إلى غير النهاية وقد عرفت استحالته. وإنّما أطنبنا الكلام في هذا المقام؛ لأنّه من مزالّ أقدام فحول الأعلام، واللّه الموفِّق للمرام.
وأجاب بعض الفضلاء ۳ عن هذه الشبهة بـ :
أنّ مفهوم واجب الوجود لا يخلو إمّا أن يكون انتزاعه عن نفس ذات كلّ منهما من