125
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

باب أصناف الناس

۱.عليُّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ؛ ومحمّدُ بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي اُسامة ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة ، عن أبي إسحاقَ السَّبيعيّ ، عمّن حدّثه ممّن يوثَقُ به ، قال : سمعتُ أميرَالمؤمنين عليه السلام يقول :«إنّ الناسَ آلوا بعدَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى ثلاثة : آلوا إلى عالِم على هُدًى من اللّه قد أغناه اللّهُ بما عَلِمَ عن عِلْم غيره،وجاهلٍ مُدَّع للعلم لا عِلْمَ له ، مُعجَبٍ بما عنده قد فَتَنَتْهُ الدنيا وفَتَنَ غيرَهُ،

باب أصناف الناس ۱

قوله عليه السلام : (إنّ الناس آلوا بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم إلى ثلاثة) إلخ
أقول: يمكن حلّ هذا الحديث بوجهين:
الأوّل: «إنّ الناس آلوا» أي رجعوا «بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم إلى ثلاثة» أقسام؛ يعني صاروا ثلاثة أصناف:
الصنف الأوّل: أئمّة الهدى عليهم السلام ، وإليه أشار بقوله: (عالِم على هُدىً من اللّه ) أي عالم بالمعارف الإلهيّة والعلوم الحقيقيّة والمسائل الشرعيّة الواقعيّة «على هدى من اللّه » أي مستقرّا على هدى من جانب اللّه ؛ يعني كان علمه وهبيا بتأييد من اللّه وحسن هدايته.
وقوله عليه السلام : (قد أغناه اللّه بما علم) أي بما علم من اللّه (عن علم غيره) يعني ليس علمه بكسبي.
والصنف الثاني: أئمّة الضلال وتوابعهم، وأشار إليه بقوله: (وجاهل مُدَّعٍ للعلم) إلى قوله: (ومتعلّم) والمراد بالجاهل إمّا مقابل العاقل الكامل، أي ناقص العقل، وإمّا من يتّصف بالمعنى المشترك بين جهلَي المركّب والبسيط، فإنّ صاحب الجهل المركّب يدّعي العلم؛ لاشتباه جهله بالعلم ولا علم له، مُعجَب بما عنده من التصوّرات الفاسدة، والتصديقات الباطلة (قد فتنته) أي أضلّته الدنيا عن الحقّ (وفتن) أي أضلّ ذلك الجاهل «غيرَه» من توابعه،

1.العنوان من هامش النسخة.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
124

۰.«عالم يُنتفع بعلمه أفضَلُ من سبعين ألف عابدٍ» .

۹.الحسينُ بن محمّد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سَعدانَ بن مسلم ، عن معاوية بن عمّار ، قال :قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل راوِيَةٌ لحديثكم يَبُثُّ ذلك في الناس ، ويُشَدِّدُهُ في قلوبهم وقلوب شيعتكم ، ولعلّ عابدا من شيعتكم ليسَتْ له هذه الروايةُ ، أيُّهما أفضلُ؟ قال : «الراوِيَةُ لحديثنا يَشُدُّ به قلوبَ شيعتنا أفضلُ من ألفِ عابدٍ» .

قوله عليه السلام : (رجلٌ راوِيَةٌ لحديثكم)
الراوية كثير الرواية، والهاء للمبالغة.
وقوله: (يَبُثُّ ذلك في الناس ويسدّده) أي ينشر حديثكم فيما بين الناس ويقرّره سديدا، أي مستقيما (في قلوبهم) أي في قلوب الناس سواء كان موافقا أو مخالفا، (و) في (قلوب شيعتكم) من عطف الخاصّ على العامّ؛ لزيادة الاهتمام. وفي بعض النسخ: «يُشَدّده» بالشين المعجمة، أي يوثقه ويجعله ثابتا محكما في قلوب الموافقين والمخالفين. وعلى النسخة الاُولى يحتمل هذا المعنى أيضا؛ لأنّ التسديد قد يراد به التوثيق، بل حمله على هذا أوفق للجواب حيث قال: (الراويةُ لحديثنا يَشُدُّ) بالشين المعجمة، أي يقوّي (به قلوبَ شيعتنا أفضلُ من ألف عابدٍ) فيه إشعار بأنّ الفضيلة باعتبار النشر بين الشيعة وإخبارهم به لا بين المخالفين؛ فإنّه ربما ينافي التقيّة.
فإن قلت: لِمَ قال في هذا الحديث: «أفضل من ألف عابد» وفي الحديث السالف «أفضل من سبعين ألف عابد»؟
قلنا: للفرق بين العالم الذي ينتفع ويعمل بعلمه، وبين راوية الحديث الناشر؛ لأنّ الثاني حافظ للحديث ناقل له، ولا يلزم أن يكون عالما بما يرويه ثمّ عاملاً به، فهذا إنّما هو فضل الراوي من حيث الرواية فقط، وما ذكر في الحديث الأوّل إنّما هو فضل العالم العامل بعلمه.
ويعلم من الحديثين جميعا أنّ العالم العامل أفضل من سبعين راويةً للحديث يشدّ به قلوب الشيعة. نعم، لو اجتمع الأمران في شخص اجتمع الفضلان فيه، على أنّه قد يعبّر بالألف عن الكثير، وليس المقصود به تعيين العدد ۱ .

1.قارن الحاشية على اُصول الكافي للنائيني، ص ۱۰۱ ـ ۱۰۲.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 145613
صفحه از 739
پرینت  ارسال به