۰.«عالم يُنتفع بعلمه أفضَلُ من سبعين ألف عابدٍ» .
۹.الحسينُ بن محمّد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سَعدانَ بن مسلم ، عن معاوية بن عمّار ، قال :قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل راوِيَةٌ لحديثكم يَبُثُّ ذلك في الناس ، ويُشَدِّدُهُ في قلوبهم وقلوب شيعتكم ، ولعلّ عابدا من شيعتكم ليسَتْ له هذه الروايةُ ، أيُّهما أفضلُ؟ قال : «الراوِيَةُ لحديثنا يَشُدُّ به قلوبَ شيعتنا أفضلُ من ألفِ عابدٍ» .
قوله عليه السلام : (رجلٌ راوِيَةٌ لحديثكم)
الراوية كثير الرواية، والهاء للمبالغة.
وقوله: (يَبُثُّ ذلك في الناس ويسدّده) أي ينشر حديثكم فيما بين الناس ويقرّره سديدا، أي مستقيما (في قلوبهم) أي في قلوب الناس سواء كان موافقا أو مخالفا، (و) في (قلوب شيعتكم) من عطف الخاصّ على العامّ؛ لزيادة الاهتمام. وفي بعض النسخ: «يُشَدّده» بالشين المعجمة، أي يوثقه ويجعله ثابتا محكما في قلوب الموافقين والمخالفين. وعلى النسخة الاُولى يحتمل هذا المعنى أيضا؛ لأنّ التسديد قد يراد به التوثيق، بل حمله على هذا أوفق للجواب حيث قال: (الراويةُ لحديثنا يَشُدُّ) بالشين المعجمة، أي يقوّي (به قلوبَ شيعتنا أفضلُ من ألف عابدٍ) فيه إشعار بأنّ الفضيلة باعتبار النشر بين الشيعة وإخبارهم به لا بين المخالفين؛ فإنّه ربما ينافي التقيّة.
فإن قلت: لِمَ قال في هذا الحديث: «أفضل من ألف عابد» وفي الحديث السالف «أفضل من سبعين ألف عابد»؟
قلنا: للفرق بين العالم الذي ينتفع ويعمل بعلمه، وبين راوية الحديث الناشر؛ لأنّ الثاني حافظ للحديث ناقل له، ولا يلزم أن يكون عالما بما يرويه ثمّ عاملاً به، فهذا إنّما هو فضل الراوي من حيث الرواية فقط، وما ذكر في الحديث الأوّل إنّما هو فضل العالم العامل بعلمه.
ويعلم من الحديثين جميعا أنّ العالم العامل أفضل من سبعين راويةً للحديث يشدّ به قلوب الشيعة. نعم، لو اجتمع الأمران في شخص اجتمع الفضلان فيه، على أنّه قد يعبّر بالألف عن الكثير، وليس المقصود به تعيين العدد ۱ .