249
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.قال : وقال أبو جعفر عليه السلام : «من أفتى الناسَ برأيه، فقد دانَ اللّه بما لا يَعلَمُ ، ومن دانَ اللّهَ بما لا يَعلَمُ ، فقد ضادَّ اللّهَ ؛ حيث أحَلَّ وحَرَّمَ فيما لا يَعلمُ» .

۱۸.محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ بن يقطين ، عن الحسين بن مَيّاح ، عن أبيه ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :«إنّ إبليسَ قاسَ نفسَه بآدمَ ، فقال : خَلَقتنيمن نار وخلقتَه من طين ، .........

وقوله عليه السلام : (مَن أفتى الناس برأيه) أي بمظنونه المأخوذ، لا من المأخذ الذي يجب أن يؤخذ منها، بل من القياسات والاستحسانيات والروايات الباطلة والأوهام الفاسدة (فقد دان اللّه بما لا يَعْلَمُ) أي أخذ دينه واعتقد شريعته بما لا يعلم أنّه من اللّه تعالى، وقال على اللّه ما لا يعلم (ومن دان اللّه بما لا يعلم) وأدخل في دينه ما ليس منه، وأخرج عنه ما هو منه (فقد ضادّ اللّه ؛ حيث أحلّ وحَرَّم ۱ ) من عند نفسه (فيما لا يَعْلَمُ) حكمَه من اللّه ، وجعل نفسه شريكا للّه في وضع الشريعة لعباده.
قوله: (عن الحسين بن مَيّاح)
بفتح الميم وتشديد الياء المثنّاة تحت ثمّ الحاء المهملة.
وقوله عليه السلام : (إنّ إبليسَ قاس نفسَه بآدمَ) القياس هاهنا بالمعنى اللغوي لا القياس الفقهي ۲ ، تقول: قستُ الشيءَ بالشيء، إذا قدّرتَه عليه لتعتبر أيزيد عليه أو ينقص عنه أو يساويه لتعمل في كلّ صورة ما يقتضيه، وذلك أيضا باطل في الدين، بل أهون وأضعف من القياس الفقهي.
وقوله عليه السلام : «فقال: «خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ»۳ ) فقاس ما بين النار والطين، فعمل بالقياس وترك السجود لآدم مع أنّه كان داخلاً في ظاهر الخطاب فقال اللّه تعالى: «ما مَنَعَكَ ألّا تَسْجُدَ [إذ أمرتك] قالَ [أنا خيرٌ منه ]خَلَقْتَنِي»۴ إلخ، أي ظننت بالقياس أنّي مستثنى فعملت بظنّي.

1.في النسخة: «أحرم».

2.في هامش النسخة: هو إجراء حكم الأصل في الفرع... ليس في حكم الأصل من الفرع لانتفائه... بحكم في الأصل عنه؛ لأنّه نفى وجوب... متى أوجبه اللّه تعالى على الملائكة... انتفاء العلّة يستلزم انتفاء المعلول (منه عفي عنه).

3.الأعراف (۷): ۱۲.

4.صدر الآية السابقة.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
248

۰.إنّ السُنَّةَ إذا قيسَتْ مُحِقَ الدينُ» .

۱۶.عدّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن القياس ، فقال :«ما لكم والقياسَ ، إنّ اللّه لا يُسألُ كيف أحَلَّ وكيف حَرَّم» .

۱۷.عليُّ بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مَسعدةَ بن صدقة ، قال : حدّثني جعفرٌ ، عن أبيه عليهماالسلام :«أنَّ عليّا ـ صلوات اللّه عليه ـ قال : مَن نَصَبَ نفسَه للقياس، لم يَزَلْ دهرَه في التِباسٍ ، ومن دانَ اللّهَ بالرأي، لم يَزَلْ دهرَه في ارتماسٍ» .

المثال، ولا شكّ في أنّ القياس فيما علم أنّه كذلك لا يفيد ظنّا أصلاً فضلاً عن العلم، وما لا يفيد الظنّ والعلم لا يجوز الحكم به في السنّة، فلا يجوز الحكم فيها بالقياس.
وقوله عليه السلام : (إنّ السنّة إذا قِيسَتْ) أي اُثبتت بالقياس «مُحق» على صيغة المجهول، أي مُحي واُبطل الدين شيئا فشيئا بإدخال ما ليس منه فيه، وإخراج ما يكون منه عنه حتّى يؤدّي إكثارُ ذلك إلى تركِ الدين بالكلّيّة والعملِ بالقياس.
قوله عليه السلام : (إنّ اللّه لا يُسألُ كيف أحَلَّ وكيف حَرَّم)
أي لا يكون علّة أحكامه تعالى في حلّ الأشياء وحرمتها ما يوافق مدارك عامّة العباد حتّى لو سئل عنه تعالى من علّتها أجاب بما هو مرغوبُ مداركِهم ومستحسنُ طِباعِهم ليلزم من ذلك أن يكون ما زعمه أهل القياس ـ من علّة الحكم في الأصل وإلحاق الفرع به في الحكم لوجودها فيه ـ مطابقا للواقع، بل في أحكامه تعالى حِكَم ومصالح لا يصل إليها أفهام أكثر الناس من العوامّ والخواصّ فضلاً عن أهل القياس، فبطل القياس، وظهر أنّه لا يفيد في الشريعة ظنّا أصلاً، ولا ينشأ إلّا من شرّ الوسواس الخنّاس.
قوله عليه السلام : (مَن نَصَبَ نفسَه للقياس لم يَزَلْ دهرَه في التباس)
أي من أقام نفسه للعمل بالقياس، وجعله عادة لنفسه (لم يزل دهره) بالنصب، أي في دهره، أو بالرفع، والنسبة مجاز (في التباس) أي اشتباه وخلط بين الباطل والحقّ.
وقوله عليه السلام : (ومَن دانَ اللّهَ بالرأي) أي من أخذ دين اللّه وشريعته بالرأي بالظنّ المنبعث من الاستحسانيات العقليّة والقياسات الفقهيّة، لا من الأدلّة والمآخذ المنتهية إلى الشارع (لم يَزَلْ دهرَه في ارتماس) أي انغماس في الباطل ودخول فيه بحيث يحيط به إحاطة تامّة.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 150971
صفحه از 739
پرینت  ارسال به