۰.إنّ السُنَّةَ إذا قيسَتْ مُحِقَ الدينُ» .
۱۶.عدّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن القياس ، فقال :«ما لكم والقياسَ ، إنّ اللّه لا يُسألُ كيف أحَلَّ وكيف حَرَّم» .
۱۷.عليُّ بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مَسعدةَ بن صدقة ، قال : حدّثني جعفرٌ ، عن أبيه عليهماالسلام :«أنَّ عليّا ـ صلوات اللّه عليه ـ قال : مَن نَصَبَ نفسَه للقياس، لم يَزَلْ دهرَه في التِباسٍ ، ومن دانَ اللّهَ بالرأي، لم يَزَلْ دهرَه في ارتماسٍ» .
المثال، ولا شكّ في أنّ القياس فيما علم أنّه كذلك لا يفيد ظنّا أصلاً فضلاً عن العلم، وما لا يفيد الظنّ والعلم لا يجوز الحكم به في السنّة، فلا يجوز الحكم فيها بالقياس.
وقوله عليه السلام : (إنّ السنّة إذا قِيسَتْ) أي اُثبتت بالقياس «مُحق» على صيغة المجهول، أي مُحي واُبطل الدين شيئا فشيئا بإدخال ما ليس منه فيه، وإخراج ما يكون منه عنه حتّى يؤدّي إكثارُ ذلك إلى تركِ الدين بالكلّيّة والعملِ بالقياس.
قوله عليه السلام : (إنّ اللّه لا يُسألُ كيف أحَلَّ وكيف حَرَّم)
أي لا يكون علّة أحكامه تعالى في حلّ الأشياء وحرمتها ما يوافق مدارك عامّة العباد حتّى لو سئل عنه تعالى من علّتها أجاب بما هو مرغوبُ مداركِهم ومستحسنُ طِباعِهم ليلزم من ذلك أن يكون ما زعمه أهل القياس ـ من علّة الحكم في الأصل وإلحاق الفرع به في الحكم لوجودها فيه ـ مطابقا للواقع، بل في أحكامه تعالى حِكَم ومصالح لا يصل إليها أفهام أكثر الناس من العوامّ والخواصّ فضلاً عن أهل القياس، فبطل القياس، وظهر أنّه لا يفيد في الشريعة ظنّا أصلاً، ولا ينشأ إلّا من شرّ الوسواس الخنّاس.
قوله عليه السلام : (مَن نَصَبَ نفسَه للقياس لم يَزَلْ دهرَه في التباس)
أي من أقام نفسه للعمل بالقياس، وجعله عادة لنفسه (لم يزل دهره) بالنصب، أي في دهره، أو بالرفع، والنسبة مجاز (في التباس) أي اشتباه وخلط بين الباطل والحقّ.
وقوله عليه السلام : (ومَن دانَ اللّهَ بالرأي) أي من أخذ دين اللّه وشريعته بالرأي بالظنّ المنبعث من الاستحسانيات العقليّة والقياسات الفقهيّة، لا من الأدلّة والمآخذ المنتهية إلى الشارع (لم يَزَلْ دهرَه في ارتماس) أي انغماس في الباطل ودخول فيه بحيث يحيط به إحاطة تامّة.