267
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.متعمّدا ؛ فلو عَلِمَ الناسُ أنّه منافق كذّاب ، لم يَقبلوا منه ولم يُصدّقوه ، ولكنّهم قالوا هذا قد صَحِبَ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله ورآه وسَمِعَ منه ، وأخَذوا عنه وهم لا يَعرفون حالَه . وقد أخبَرَه اللّه عن المنافقين بما أخبَرَه ، ووَصَفَهم بما وَصَفَهم ، فقال عزّ وجلّ : « وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَ إِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ » ثمَّ بَقوا بعدَه ، فَتَقَرَّبوا إلى أئمّة الضلالة والدُّعاةِ إلى النار بالزور والكَذِب والبهتان ، فَوَلّوهم الأعمالَ ، وحَمَلُوهم

وقال الجوهري: «الحَرَجُ: الإثمُ. وتَحَرَّجَ، أي تأثَّم» ۱ انتهى.
و«أن» في قوله: «أن يكذب» مصدريّة. ومعناه: لا يكفّ عن إثم الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدا، أو لا يتوب ولا يرجع عن معصية الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدا.
وقيل: أي لا يتأثّم ولا يتحرّج عن أن يكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ لتضمين معنى التحرّز.
وقوله عليه السلام : (لم يقبلوا منه) أي لم يقبلوا الحديث منه، وكذا قوله: «وأخذوا عنه» أي الناس أخذوا الحديث عنه.
وقوله عليه السلام : (وقد أخبره اللّهُ عن المنافقين) استدلال على أنّ بعض الأصحاب كانوا منافقين. والضمير راجع إلى الرسول.
وقوله: (بما أخبره) أي بما أخبره في القرآن من وجودهم في عصره بنحو قوله سبحانه: «وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُم»۲ وفيه إشارة إلى أنّ الرسول إذا لم يعلمهم فكيف يعلمهم الناس؟
وقوله عليه السلام : (ووصفهم بما وصفهم) أي في القرآن، «فقال عزّ وجلّ» أي في سورة المنافقين. والفاء لتفصيل الوصف. وقوله تعالى: «تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ»۳ لضخامتها وحسن ظاهرها «وَإنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِم»۴ لكونهم بين الناس معظّمين.
وقوله عليه السلام : (ثمّ بَقوا بعدَه) أي ثمّ هؤلاء المنافقون الكذّابون ۵ بقوا بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله .

1.الصحاح، ج ۱، ص ۳۰۵ و۳۰۶ (حرج).

2.التوبة (۹): ۱۰۱.

3.المنافقون (۶۳): ۴.

4.تتمّة الآية السابقة.

5.في النسخة: «المنافقين الكذّابين».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
266

۰.وإنّما أتاكم الحديثُ من أربعةٍ ليس لهم خامس :
رجلٍ منافقٍ يُظهر الإيمانَ ، مُتصنِّعٍ بالإسلام ، لا يَتأثَّمُ ولا يَتحرَّجُ أن يَكذبَ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله .........

بَوَّأه اللّهُ منزلَنا، أي أسكنه إيّاه. ومعناه أنّه ليتّخذ منزله ومحلّه من النار. والمقصود الإخبار بأنّ منزله في النار البتّة.
وقوله عليه السلام : (إنّما أتاكم الحديثُ من أربعة) إلخ، وجه الضبط أنّ الراوي الذي يؤخذ منه الحديث، ويعتمد على روايته إمّا كاذب أو صادق.
والكاذب إمّا أن لا يتحرّج ولا يكفّ عن إثم ۱ الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدا ـ وقد أخبر سبحانه بوجودهم في عصره صلى الله عليه و آله ووصفهم بما وصفهم، ثمّ بقوا بعده ـ وإمّا أن يتحرّج ويكفّ عن ذنب الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدا، ولكن يتوهّم ويغلط حيث لم يحفظ الحديث على وجهه، فيكذب عليه من حيث لا يدري.
والصادق إمّا غير عالم بالناسخ والمنسوخ، فيحدّث بالمنسوخ ويقول به، أو عالم بالناسخ والمنسوخ، حافظ للحديث على وجهه، فلا يحدّث إلّا بالناسخ أو بالمنسوخ على أنّه منسوخ متروك القول والعمل به بعد أن حفظه على وجهه الذي حدّث به رسول اللّه صلى الله عليه و آله من العموم والخصوص، والوجه المراد من الكلام الذي له وجهان.
وقوله عليه السلام : (لا يَتأثَّمُ ولا يَتحرَّجُ أن يَكذبَ على رسول اللّه ) التأثّم: الكفّ عن الإثم والذنب، وكذلك التحرّج؛ لأنّه كفّ عن الحرج بمعنى الإثم، قال الجوهري: «تأثَّم، أي تَحَرَّجَ عنه ۲ وكفّ» ۳ .
وقال في القاموس: «تَأَثَّمَ: تاب منه ۴ وتَحَرَّجَ ۵ » انتهى.

1.في النسخة: «الإثم».

2.كتب تحت الكلمة في النسخة: أي عن الإثم (منه عفي عنه).

3.الصحاح، ج ۳، ص ۱۸۵۸ (أثم).

4.كتب تحت الكلمة في النسخة: أي من الإثم (منه عفي عنه).

5.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۹۹ (أثم).

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 150894
صفحه از 739
پرینت  ارسال به