۰.متعمّدا ؛ فلو عَلِمَ الناسُ أنّه منافق كذّاب ، لم يَقبلوا منه ولم يُصدّقوه ، ولكنّهم قالوا هذا قد صَحِبَ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله ورآه وسَمِعَ منه ، وأخَذوا عنه وهم لا يَعرفون حالَه . وقد أخبَرَه اللّه عن المنافقين بما أخبَرَه ، ووَصَفَهم بما وَصَفَهم ، فقال عزّ وجلّ : « وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَ إِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ » ثمَّ بَقوا بعدَه ، فَتَقَرَّبوا إلى أئمّة الضلالة والدُّعاةِ إلى النار بالزور والكَذِب والبهتان ، فَوَلّوهم الأعمالَ ، وحَمَلُوهم
وقال الجوهري: «الحَرَجُ: الإثمُ. وتَحَرَّجَ، أي تأثَّم» ۱ انتهى.
و«أن» في قوله: «أن يكذب» مصدريّة. ومعناه: لا يكفّ عن إثم الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدا، أو لا يتوب ولا يرجع عن معصية الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدا.
وقيل: أي لا يتأثّم ولا يتحرّج عن أن يكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ لتضمين معنى التحرّز.
وقوله عليه السلام : (لم يقبلوا منه) أي لم يقبلوا الحديث منه، وكذا قوله: «وأخذوا عنه» أي الناس أخذوا الحديث عنه.
وقوله عليه السلام : (وقد أخبره اللّهُ عن المنافقين) استدلال على أنّ بعض الأصحاب كانوا منافقين. والضمير راجع إلى الرسول.
وقوله: (بما أخبره) أي بما أخبره في القرآن من وجودهم في عصره بنحو قوله سبحانه: «وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُم»۲ وفيه إشارة إلى أنّ الرسول إذا لم يعلمهم فكيف يعلمهم الناس؟
وقوله عليه السلام : (ووصفهم بما وصفهم) أي في القرآن، «فقال عزّ وجلّ» أي في سورة المنافقين. والفاء لتفصيل الوصف. وقوله تعالى: «تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ»۳ لضخامتها وحسن ظاهرها «وَإنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِم»۴ لكونهم بين الناس معظّمين.
وقوله عليه السلام : (ثمّ بَقوا بعدَه) أي ثمّ هؤلاء المنافقون الكذّابون ۵ بقوا بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله .