271
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.كان يسألُه عن الشيء فيَفهَمُ ، وكانَ منهم من يسألُه ولا يَستَفهِمهُ ، حتّى أن كانوا ليُحِبّونَ أن يَجيءَ الأعرابيُ والطارِئُ ، فيسألَ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله حتّى يَسمعوا .
وقد كنتُ أدخلُ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله كلَّ يومٍ دَخْلَةً وكلَّ ليلةٍ دَخْلَةً ، فيُخليني فيها ، أدورُ معه حيث دارَ ، وقد عَلِمَ أصحابُ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه لم يَصْنَعْ ذلك بأحدٍ من الناس غيري ، فربّما كان في بيتي يأتيني رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله .........

القرآن ومن الأحاديث النبويّة ما عنى اللّه به، أي بكلامه جلّ ذكره، وما عنى رسوله بكلامه صلى الله عليه و آله ، سواء كان في تفسير القرآن، أو غير ذلك، فقوله: «ورسوله» عطف على اللّه . والأوّل ناظر إلى قوله: «قد كان يكون من رسول اللّه » إلخ، وقوله عليه السلام : (ليس كلّ أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله يسأله عن الشيء فيفهم) على صيغة المعلوم من باب الإفعال، أي فيُفهِمه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ذلك الشيء. ويحتمل أن يكون من المجرّد، أي فيفهم السائل الجواب. وعلى التقديرين النفي إمّا راجع إلى السؤال، أو إلى الإفهام، وذلك فيما لا يتعلّق بالسائل، أو إلى الفهم، وذلك كما روى محمّد بن مسلم في صحيحه عن الثاني أنّه سأل رسول اللّه صلى الله عليه و آله مكرّرا عن الكلام ولم يفهم الجواب ۱ .
و(الأعرابي): ساكن البادية. و(الطارِئُ) بالهمز: من يجيء من البلاد البعيدة.
وقوله عليه السلام : (دَخْلةً) بفتح الدال، أي مرّة من الدخول.
وقوله عليه السلام : (فيخلّيني) بتشديد اللام، أي فيتركني ولا يمنعني من السؤال (فيها) أي في الداخلة، أو بتخفيفها من باب الإفعال من الخلوة.
وقوله عليه السلام : (أدورُ معه حيث دارَ) أي أتعلّم منه كلّ ما علّمني كما عَلِمَه، أو أتعلّم منه في كلّ مسألة جميع الجهات المعلومة له.
وقوله عليه السلام : (فربّما كان في بيتي يأتيني رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله ) بتقديم الظرف على متعلّقه، أي فربّما كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يأتيني في بيتي. فقوله: «رسول اللّه صلى الله عليه و آله » اسم «كان» والجملة خبره قدّم على الاسم، ولا يلزم الإضمار قبل الذكر؛ لأنّ مرجع ضمير «يأتيني» مقدّم بحسب

1.لم أعثر عليه.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
270

۰.وقال اللّه عزَّ وجلَّ في كتابه : « وَ مَآ ءَاتَـلـكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَـلـكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ »فيَشْتَبِهُ على من لم يعرِفْ ولم يَدرِ ما عَنَى اللّهُ به ورسولهُ صلى الله عليه و آله ، وليس كلّ أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله

ثمّ إقحام لفظ «يكون» هاهنا للدلالة على الاستمرار في الماضي.
وقوله عليه السلام : (وقال اللّه عزّ وجلّ في كتابه) ـ أي في سورة الحشر: «ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ»۱ إلى آخر الحديث ـ بيان لأنّ المرجع في بيان الكتاب والمبيّن له هو الرسول صلى الله عليه و آله وسلم؛ لقوله تعالى: «ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»۲ .
ثمّ المرجع في بيان الكتاب والسنّة معا هو الأئمّة عليهم السلام ؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قد أودع بيان كلّ ما يحتاج إلى البيان من الكتاب والسنّة عند أهل بيته عليهم السلام ، فكلّ ما يحتاج إليه الناس محفوظ عندهم، ولا يسع الناسَ تركُ الأخذ عنهم، والاستبداد بآرائهم، والاعتماد على ظنونهم في الأخذ عن الكتاب والأحاديث النبويّة، بل عليهم أن يراجعوا أهل البيت فيما فيه احتمال تخصيص، أو إرادة وجه دون وجه ، أو وقوع نسخ، فبعد المراجعة إليهم إذا علم عدم تخصيصه بقي العامّ على عمومه، وإذا علم عدم إرادة وجه آخر يحمل على هذا الوجه، وإذا علم عدم وقوع نسخ عمل به.
وأمّا صنيع الجماهير من ترك ۳ المراجعة إليهم، والاستبداد بآرائهم، والاعتماد على ظنونهم وقياساتهم، ففيه من الاستهانة بأمر الدين ما لا ينبغي للمتديّن، وخصوصا بعد الاطّلاع على قوله صلى الله عليه و آله وسلم: «يا أيّها الناس إنّي تركت ۴ فيكم مَن إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب اللّه وعترتي أهل البيت»، وقوله صلى الله عليه و آله : «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه وعترتي» وقوله صلى الله عليه و آله : «لن يفترقا: كتاب اللّه وعترتي حتّى يردا عليَّ الحوضَ» ۵ .
وقوله عليه السلام : (فيَشْتَبِهُ على من لم يَعرِفْ ولم يَدرِ ما عَنَى اللّهُ به ورسولُه صلى الله عليه و آله ) يعني فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه ، والعامّ والخاصّ من

1.الحشر (۵۹): ۷.

2.تتمة الآية السابقة.

3.في النسخة زيادة: «الجماعة».

4.في النسخة: «تركتم».

5.تقدّمت الأحاديث في ص

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 150873
صفحه از 739
پرینت  ارسال به