۰.شيئا علَّمَه اللّهُ من حلال ولا حرام ، ولا أمرٍ ولا نهيٍ ، كان أو يكون ، ولا كتابٍ مُنزَلٍ على أحد قبلَه من طاعة أو معصية إلّا عَلَّمَنيه وحَفِظْتُه ، فلم أنسَ حرفا واحدا ، ثمّ وَضَعَ يدَه على صدري ودعا اللّهَ لي أن يَمْلَأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا ، فقلت : يا نبيّ اللّه ، بأبي أنت واُمّي ، منذُ دعوتَ اللّهَ لي بما دعوتَ لم أنْسَ شيئا ، ولم يَفُتْني شيءٌ لم أكْتُبْهُ ، أفتتخَوَّفُ عَلَيَّ النسيانَ فيما بعدُ؟ فقال : لا ، لستُ أتخوَّفُ عليك النسيانَ والجهلَ» .
وقوله عليه السلام : (ولا كتابٍ مُنزَل على أحد قبلَه) كالتوراة والإنجيل ونحوهما.
وقوله عليه السلام : (من طاعة أو معصية) متعلّق بمحذوف مقدّر، أي ولا شيئا من طاعة أو معصية. ويحتمل أن يكون «من» بيانيّة بيانا للكتاب باعتبار ما فيه من القصص في طاعة أقوام ومعصية آخرين، ولو حُمل «كتاب» على أعمّ من جميع التوراة مثلاً وبعضِه، أمكن جعل «من» سببيّةً.
ويحتمل أن يكون المراد بالكتاب ما أنزله اللّه تعالى على الاُمم السابقة من البشرى والرحمة والعذاب، فإنّه مكتوب، أي واجب باقتضاء الحكمة، وقد يعبّر عن الوجوب بالكتابة، كما في قوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ»۱«كَتَبَ عَلى نفسِه الرَّحْمَةَ»۲ .
فالمراد بأحد أحد من الاُمم، وحينئذٍ يكون «من» سببيّة، ومتعلّقة بقوله: «مُنزَلٍ».
وقوله عليه السلام : (ثمّ وَضَعَ يدَه على صدري) أي بعد تعليم الجميع، وفي آخر عمره صلى الله عليه و آله . والحُكم ـ بضمّ الحاء المهملة وسكون الكاف ـ : القضاء بالعدل، أو بمعنى الحكمة.
وقوله عليه السلام : (بأبي أنت واُمّي) أصله: فُديتَ بأبي واُمّي على صيغة المجهول المخاطب حذف الفعل، وجعل الضمير المتّصل منفصلاً، واُخّر.
وقوله عليه السلام : (منذ دعوتَ اللّهَ لي بما دعوتَ) أي الدعاء الذي سبق في قوله: «ودعا اللّهَ أن يُعطِيَني».
وقوله عليه السلام : (لم يَفُتني شيءٌ لم أكتبه) فضلاً عمّا أكتبه.