273
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.شيئا علَّمَه اللّهُ من حلال ولا حرام ، ولا أمرٍ ولا نهيٍ ، كان أو يكون ، ولا كتابٍ مُنزَلٍ على أحد قبلَه من طاعة أو معصية إلّا عَلَّمَنيه وحَفِظْتُه ، فلم أنسَ حرفا واحدا ، ثمّ وَضَعَ يدَه على صدري ودعا اللّهَ لي أن يَمْلَأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا ، فقلت : يا نبيّ اللّه ، بأبي أنت واُمّي ، منذُ دعوتَ اللّهَ لي بما دعوتَ لم أنْسَ شيئا ، ولم يَفُتْني شيءٌ لم أكْتُبْهُ ، أفتتخَوَّفُ عَلَيَّ النسيانَ فيما بعدُ؟ فقال : لا ، لستُ أتخوَّفُ عليك النسيانَ والجهلَ» .

وقوله عليه السلام : (ولا كتابٍ مُنزَل على أحد قبلَه) كالتوراة والإنجيل ونحوهما.
وقوله عليه السلام : (من طاعة أو معصية) متعلّق بمحذوف مقدّر، أي ولا شيئا من طاعة أو معصية. ويحتمل أن يكون «من» بيانيّة بيانا للكتاب باعتبار ما فيه من القصص في طاعة أقوام ومعصية آخرين، ولو حُمل «كتاب» على أعمّ من جميع التوراة مثلاً وبعضِه، أمكن جعل «من» سببيّةً.
ويحتمل أن يكون المراد بالكتاب ما أنزله اللّه تعالى على الاُمم السابقة من البشرى والرحمة والعذاب، فإنّه مكتوب، أي واجب باقتضاء الحكمة، وقد يعبّر عن الوجوب بالكتابة، كما في قوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ»۱«كَتَبَ عَلى نفسِه الرَّحْمَةَ»۲ .
فالمراد بأحد أحد من الاُمم، وحينئذٍ يكون «من» سببيّة، ومتعلّقة بقوله: «مُنزَلٍ».
وقوله عليه السلام : (ثمّ وَضَعَ يدَه على صدري) أي بعد تعليم الجميع، وفي آخر عمره صلى الله عليه و آله . والحُكم ـ بضمّ الحاء المهملة وسكون الكاف ـ : القضاء بالعدل، أو بمعنى الحكمة.
وقوله عليه السلام : (بأبي أنت واُمّي) أصله: فُديتَ بأبي واُمّي على صيغة المجهول المخاطب حذف الفعل، وجعل الضمير المتّصل منفصلاً، واُخّر.
وقوله عليه السلام : (منذ دعوتَ اللّهَ لي بما دعوتَ) أي الدعاء الذي سبق في قوله: «ودعا اللّهَ أن يُعطِيَني».
وقوله عليه السلام : (لم يَفُتني شيءٌ لم أكتبه) فضلاً عمّا أكتبه.

1.البقرة (۲): ۱۸۳.

2.الأنعام (۶): ۱۲.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
272

۰.أكثَرُ ذلك في بيتي ، وكنتُ إذا دخلتُ عليه بعضَ منازله أخلاني وأقام عنّي نساءه ، فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تَقُمْ عنّي فاطمةُ ولا أحدٌ من بَنِيَّ ، وكنتُ إذا سألتُهُ أجابَني ، وإذا سَكَتُّ عنه وفَنِيَتْ مسائلي ابْتَدَأني ، فما نزلَتْ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله آيةٌ من القرآن إلّا أقْرَأنيها وأملاها عَلَيَّ ، فكتبتُها بخطّي ، وعَلَّمَني تأويلَها وتفسيرَها ، وناسخَها ومنسوخَها ، ومحكمَها ومتشابِهَها ، وخاصّها وعامَّها، ودعا اللّه أن يُعطِيَني فهمَها وحفظَها، فما نسيتُ آيةً من كتاب اللّه ولاعلما أملاه عَلَيَّ وكتبْتُه منذُ دعا اللّه لي بما دعا ، وما ترك

الرتبة، وذلك كافٍ في صحّة الإضمار.
وقوله: (أكثر ذلك في بيتي) يعني أكثر الدور معه حيث دار، وأكثر التعلّم عنه كان في بيتي. وفي بعض النسخ: «أكثر من ذلك» والمعنى واحد.
وقيل: معناه فربّما كان الدور معه حيث دار في بيتي. وقوله: «يأتيني رسول اللّه صلى الله عليه و آله » استيناف بياني لكون الدور معه في بيتي. وقوله: «أكثَرَ ذلك» جملة معترضة بين الفعل والظرف المتعلّق به، و«أكثَرَ» فعل ماض من باب الإفعال. ولفظة «ذلك» إشارة إلى إتيان الرسول إيّاه عليهماالسلام ۱ . انتهى.
وقوله عليه السلام : (أخلاني) على صيغة الماضي من باب الإفعال ونون الوقاية قبل ياء المتكلّم. وفي بعض النسخ: «أخلا بي» بالباء الموحّدة قبل ياء المتكلّم.
وقوله عليه السلام : (وفَنِيَتْ مسائلي) أي لم يبق في ذهني ما أردت السؤال عنه، ولم يخطر غيره (ابتدأني) بتعليم المسائل.
وقوله عليه السلام : (أقْرَأنيها) أي حملني على أن أقرأها عليه. ويحتمل أن يكون معناه: حملني على ضبطها وجمعها مع أخواتها؛ لأنّ القراءة في الأصل الجمع، سمّي القرآن؛ لأنّه جمع القصص، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، والآيات والسور بعضها إلى بعض. والإملاء أن يقرأ أحد كلاما ليكتبه آخر.
وقوله عليه السلام : (ولا علما) أي كلاما فيه علم وهي الأحاديث.

1.اُنظر: الشافي للقزويني، ۲۵۸ (مخطوط).

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 150872
صفحه از 739
پرینت  ارسال به