277
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۷.عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، والحسن بن محبوب جميعا ، عن سَماعَةَ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألتُه عن رَجل اختَلَفَ عليه رجلان من أهل دينه في أمرٍ كلاهُما يرويه : أحدُهما يأمُرُ بأخذه ، والآخَرُ ينهاه عنه ، كيف يَصنَعُ؟ فقال :«يُرْجِئُه حتّى يلقى من يُخبرُه ، فهو في سَعَةٍ حتّى يلقاه» .

والمقصود أنّ ذلك القول المخالف لما علمه منّا إنّما هو للتقيّة ودفع الضرر عن السامع. هذا إذا كان الصادر عنه أوّلاً مطابقا للحكم الواقعي والمسموع عنه ثانيا للتقيّة. ولو حمل على عكس ذلك، كان لفظ «ذلك» إشارة إلى قوله: «ما يعلم منّا».
ويحتمل تعميم كلّ واحد من الأوّل والثاني بحيث يتناول الحكم الواقعي والتقيّة على سبيل الاحتمال بأن لا يكون شيء منهما متعيّنا لشيء من الحكم الواقعي والتقيّة، وحينئذٍ لفظة «ذلك» إشارة إلى الخلاف المفهوم من الكلام، أي فليعلم أنّ تلك المخالفة الواقعة منّا للتقيّة، ولدفع الضرر عنه؛ فتدبّر.
قوله: (كيف يصنع؟)
أي كيف يصنع في هذه الصورة؟ وبم يعمل؟ وهذا إذا كان السؤال عن حال المقلّد، أو بم يقول ويفتي؟ وهذا إذا كان السؤال عن حال المجتهد.
وقوله عليه السلام : (يرجئه) ـ بالهمز أو بالياء؛ قال الجوهري: «أرجأت الأمر: أخّرته يهمز ولا يهمز» ۱ انتهى ـ يؤخّر العمل والأخذ بأحدهما بناء على الأوّل «حتّى يلقى من يُخبره» من أهل القول والفتيا، فيعمل حينئذٍ بفتياه «فهو في سعة» في العمل حتّى يلقى من يعمل بقوله من أهل القول والاجتهاد.
أو يؤخّر في الترجيح والفتيا بناء على الثاني (حتّى يلقى من يخبره) من أهل الرواية، فيخبره برواية اُخرى يترجّح بها إحدى الروايتين على الاُخرى، فيقول ويفتي بالراجح، وهذا في صورة عدم ترجيح إحداهما على الاُخرى بوجه آخر من سائر وجوه الترجيح «فهو في سعة» في الترجيح والفتيا حتّى يلقى من يروي ما يترجّح به إحداهما على

1.الصحاح، ج ۱، ص ۵۲ (رجأ) ؛ وج ۴، ص ۲۳۵۲ (رجا)، وفي هذا الموضع: «أرْجَيْتُ».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
276

۵.أحمدُ بن إدريس ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن الحسن بن عليّ ، عن ثَعْلَبَةَ بن ميمون ، عن زرارةَ بن أعيَنَ ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن مسألة فأجابني ، ثم جاءه رجلٌ فسَألَهُ عنها ، فأجابه بخلاف ما أجابَني ، ثمَّ جاء رجلٌ آخر ، فأجابه بخلاف ما أجابَني وأجابَ صاحبي ، فلمّا خَرَجَ الرجلان قلت : يا ابن رسول اللّه ، رجلان من أهل العراق من شيعتكم قَدِما يسألانِ ، فأجبتَ كلَّ واحدٍ منهما بغير ما أجَبْتَ به صاحِبَهُ؟ فقال :«يا زرارة ، إنّ هذا خيرٌ لنا ، وأبقى لنا ولكم ، ولو اجتَمَعتُم على أمرٍ واحدٍ لصَدَّقَكُم الناسُ علينا ، ولكان أقَلَّ لبقائنا وبقائكم» .
قال : ثمّ قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : شيعتُكم لو حَمَلْتُموهم على الأسِنَّةِ أو على النارِ لَمَضَوْا ، وهم يَخرُجون من عندكم مُختلِفينَ ، قال : فأجابَني بمثل جواب أبيه .

۶.محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن نصر الخَثْعَميّ ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول :«من عَرَفَ أنّا لا نقولُ إلّا حَقّا فليَكْتَفِ بما يَعلَمُ منّا ، فإن سَمِعَ منّا خلاف ما يَعلَمُ ، فليَعْلَمْ أنّ ذلك دفاعٌ منّا عنه» .

بخلافه بترك الواجب إن قلنا بعدم صحّة المأتيّ به على وجهه عند التقيّة.
قوله عليه السلام : (لصدّقكم الناسُ علينا)
أي لحكموا بصدقكم علينا، فحكموا بموالاتكم لنا، وإن كنتم مختلفين في الرواية لم يحكموا بصدقكم علينا، فلم يحكموا بموالاتكم لنا.
وقوله عليه السلام : (ولكان أقلَّ لبقائنا وبقائكم) أي لكان حكمهم بصدقكم علينا وموالاتكم لنا يوجب عدم بقائنا وبقائكم.
وقوله: (لو حَمَلتُموهم) بتخفيف الميم، يقال: حمله على كذا، إذا أمره به.
و(الأسنّة) جمع سنان.
قوله عليه السلام : (فَلْيَكْتَفِ بما يَعْلَمُ منّا) إلخ
أي فليكتف بما يعلم صدوره عنّا ـ قولاً كان أو فعلاً ـ ولا يفتّش عن مستنده ومأخذه، أو لا يفتّش عن أنّه هل صدر ذلك عن تقيّة، أم لا؟ (فإن سَمِعَ منّا خلاف ما يعلم) صدوره عنّا (فليَعْلَمْ أنّ ذلك) أي قولنا بخلاف ما يعلم صدوره عنّا (دفاعٌ منّا عنه) أي مدافعة للضرر عنه واقعة منّا.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 145706
صفحه از 739
پرینت  ارسال به