۰.وإلى القضاة ، أيحِلُ ذلك؟ قال :«من تَحاكَمَ إليهم في حقٍّ أو باطلٍ فإنّما تَحاكَمَ إلى الطاغوت ، وما يَحْكُمُ له فإنّما يأخُذُ سُحْتا وإن كانَ حقّا ثابتا له ؛ لأنّه أخَذَه بحكم الطاغوت ، وقد أمَرَ اللّهُ أن يَكْفُروا .........
حكمهم، وفي القسم الثالث أيضا المأخوذ حرام وإن كان في الواقع حقّه، ولا يمكن حينئذٍ التخلّص عن حرمة الأخذ والمأخوذ بوجهٍ؛ لعدم جريان التقاصّ في هذه الصورة؛ لأنّه لا يعلم أنّه حقّ شرعي له.
إذا عرفت هذا فيحتمل أن يكون المراد بالمنازعة في قوله: «بينهما منازعة في دين أو ميراث» المنازعةَ مطلقا بحيث يتناول الأقسام الثلاثة. ويحتمل أن يكون المراد بها خصوص القسمين الأخيرين. وعلى التقديرين فذكر الدين والميراث على سبيل التمثيل.
وذكر الواو في قوله: (وإلى القضاة) لأنّ سلاطين الجور يحيلون المتحاكمين إليهم إلى قضاتهم في الأكثر. ويحتمل أن يكون الواو بمعنى «أو».
وقوله عليه السلام في الجواب: (من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل) يحتمل العموم والشمول للأقسام الثلاثة، وحينئذٍ فمعنى قوله: (وما يحكم له فإنّما يأخُذُ سُحْتا) أنّ ما يحكم الطاغوت للمتحاكم فإن أخذه إنّما يأخذ أخذا سُحتا، أي حراما؛ لما عرفت من أنّ المدّعى به إذا كان عينا معلوم الحقّيّة للمدّعي إنّما يكون أخذه بحكم الجائر حراما، ولا يكون المأخوذ حراما. ويحتمل تخصيصه بالقسمين الأخيرين، وحينئذٍ معناه إنّما يأخذ مالاً سحتا حراما لا يجوز التصرّف فيه «وإن كان حقّا» له في نفس الأمر «ثابتا له» أي معلوما له حقّيّته وكان خصمه منكرا هذا.
قال الشهيد الثاني في شرح الشرائع:
قد ظهر من تلك الرواية الحكم بتخطئة التحاكم إلى أهل الجور، ويستثنى منه ما لو توقّف حصول حقّه عليه، فيجوز الاستعانة على تحصيل الحقّ بغير القاضي، والنهي في الأخبار محمول على الترافع إليهم اختيارا مع إمكان تحصيل الغرض بأهل الحقّ، وقد صرّح به في خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «أيّما رجل