283
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.فَلْيَرْضَوْا به حَكَما ، .........

بأساليب الكلام بممارسة ملاحظة الأحاديث، ونهج بيانهم للأحكام، وملازمة العلماء ذوي البصائر والاستمداد منهم.
وقد سعى السلف في جمع ۱ ما يستمدّ به في معرفة أساليب الكلام ومعانيها وترجيح الأخبار وجمعها شكر اللّه مساعيهم، ولكن لا يغني ذلك الخلف من تلك الممارسة والملازمة؛ لأنّ المجتهد يجب أن لا يعتمد إلّا على تحدّسه بالمراد، وظنّه الحاصل من النظر في الأدلّة، وإذا حصل له تلك المعرفة اطّلع من جانب اللّه تعالى بإلهام وإعلام على جواز عمله بما يفهمه من الروايات، وذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء.
وقوله عليه السلام : (فَلْيَرْضَوْا به حَكَما) إلخ، ضمير الجمع راجع إلى المتحاكمين وأمثالهما من الشيعة. والحَكَم: القاضي. وهذا دليل على نفوذ قضاء الفقيه العدل الإمامي الجامع لسائر شرائط الفتوى عدا نصب الإمام عليه السلام إيّاه بخصوصه وإن لم يتراض الخصمان بحكمه في زمان الغيبة، وفي زمان الحضور أيضا مع عدم تمكّنه عليه السلام من نصب القضاة المعيّنة في البلاد.
ويدلّ على ذلك أيضا قول أبي عبد اللّه عليه السلام لأبي خديجة: «إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم، فإنّي قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه» ۲ .
وفي طريق الخبرين ضعف؛ لأنّ في الطريق الأوّل داوود بن الحصين وهو ضعيف، ومحمّد بن عيسى وفيه قول، والأصحّ ضعفه، وعمر بن حنظلة ممّن لم ينصّ الأصحاب فيه بجرح ولا تعديل وقد وثّقه الشهيد الثاني ۳ ؛ لقول الصادق عليه السلام فيه في حديث الوقت: «إذا لا

1.في النسخة: «جميع».

2.الكافي، ج ۷، ص ۴۱۲، ح ۴؛ الفقيه، ج ۳، ص ۲ ـ ۳، ح ۳۲۱۶؛ تهذيب الأحكام، ج ۶، ص ۲۱۹، ح ۵۱۶؛ دعائم الإسلام، ج ۲، ص ۵۳۰ ـ ۵۳۱؛ وسائل الشيعة، ج ۲۷، ص ۱۳ ـ ۱۴، باب ۱، ح ۵.

3.الرعاية (رسائل في علم الدراية)، ج ۱، ص ۱۹۲، وفي ط بقال، ص ۱۳۲؛ منتقى الجمان، ج ۱، ص ۱۹.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
282

۰.به ، قال اللّه تعالى : « يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّـغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِى »» .
قلت : فكيف يصنعان؟ قال : «ينظران إلى من كانَ منكم ممّن قد روى حديثَنا ، ونَظَرَ في حلالنا وحرامنا وعَرَفَ أحكامَنا ، .........

تحاكم إلى هوى نفسه؛ لأنّه الباعث إلى ذلك، والمتحاكم إلى هوى نفسه كان متّخذا هواه إلها ومعبودا، فكان المتحاكم إلى الجائر متحاكما إلى الطاغوت.
وقوله عليه السلام : (وقد أمر اللّهُ أن يكفروا به) على صيغة المجهول، والظرف قائم مقام الفاعل، أي أن لا يصدّق بشيء من أحكامه في الدين. والآية في سورة النساء.
وقوله عليه السلام : (ينظران) من المجرّد، أي يتأمّلان في اختيار من اتّصف بهذه الصفات، أو يرتقبان حضوره، تقول: نظرتُه وأنتظرتُه، إذا ارتقبتَ حضوره.
ويحتمل أن يكون من باب الإفعال أو التفعيل، أي يجعلانه ناظرا في حقّهما، ويؤيّد هذا قوله بعدُ: «الناظرين في حقّهما».
وقوله عليه السلام : (من كان منكم ممّن قد روى حديثنا) إلخ، اعتبر كونه من الشيعة الإماميّة عالما بروايات أهل البيت، ناظرا متفكّرا في حلالهم وحرامهم، عارفا بأحكامهم التي تستنبط ۱ من أدلّتها كالكتاب والأحاديث وسائر الأدلّة الشرعيّة التي ثبت حجّيّتها بأحاديثهم عليهم السلام . والموصوف بهذه الصفات هو المعبّر عنه بالفقيه عند السلف، وبالمجتهد في هذه الأعصار عند الإماميّة، وإن كان المجتهد في العصر الأوّل بينهم مستعملاً في العامل بالقياس والرأي والاستحسانات العقليّة ونحوها؛ ولذلك منعوا عن الاجتهاد، فالمجتهد عبارة عن العارف بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة بالنظر في الحلال والحرام من الأدلّة التفصيليّة من الكتاب والروايات وسائر الأدلّة التي ثبت حجّيّتها بأحاديث الحجج عليهم السلام بعد جمع الأدلّة وترجيحها.
وفي قوله: (وعرف أحكامنا) دلالة على بلوغه إلى مرتبة معرفة جميع الأحكام، أو القدر المعتدّ به بحسب الوسع ـ سواء كانت معرفة بالفعل، أو بالقوّة القريبة منها ـ بحيث يصحّ إطلاق المعرفة على تلك المرتبة. وتلك المعرفة تحصل بعد الفطنة القويمة والعلم

1.في النسخة: «يستنبط».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 145642
صفحه از 739
پرینت  ارسال به