۰.به ، قال اللّه تعالى : « يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّـغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِى »» .
قلت : فكيف يصنعان؟ قال : «ينظران إلى من كانَ منكم ممّن قد روى حديثَنا ، ونَظَرَ في حلالنا وحرامنا وعَرَفَ أحكامَنا ، .........
تحاكم إلى هوى نفسه؛ لأنّه الباعث إلى ذلك، والمتحاكم إلى هوى نفسه كان متّخذا هواه إلها ومعبودا، فكان المتحاكم إلى الجائر متحاكما إلى الطاغوت.
وقوله عليه السلام : (وقد أمر اللّهُ أن يكفروا به) على صيغة المجهول، والظرف قائم مقام الفاعل، أي أن لا يصدّق بشيء من أحكامه في الدين. والآية في سورة النساء.
وقوله عليه السلام : (ينظران) من المجرّد، أي يتأمّلان في اختيار من اتّصف بهذه الصفات، أو يرتقبان حضوره، تقول: نظرتُه وأنتظرتُه، إذا ارتقبتَ حضوره.
ويحتمل أن يكون من باب الإفعال أو التفعيل، أي يجعلانه ناظرا في حقّهما، ويؤيّد هذا قوله بعدُ: «الناظرين في حقّهما».
وقوله عليه السلام : (من كان منكم ممّن قد روى حديثنا) إلخ، اعتبر كونه من الشيعة الإماميّة عالما بروايات أهل البيت، ناظرا متفكّرا في حلالهم وحرامهم، عارفا بأحكامهم التي تستنبط ۱ من أدلّتها كالكتاب والأحاديث وسائر الأدلّة الشرعيّة التي ثبت حجّيّتها بأحاديثهم عليهم السلام . والموصوف بهذه الصفات هو المعبّر عنه بالفقيه عند السلف، وبالمجتهد في هذه الأعصار عند الإماميّة، وإن كان المجتهد في العصر الأوّل بينهم مستعملاً في العامل بالقياس والرأي والاستحسانات العقليّة ونحوها؛ ولذلك منعوا عن الاجتهاد، فالمجتهد عبارة عن العارف بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة بالنظر في الحلال والحرام من الأدلّة التفصيليّة من الكتاب والروايات وسائر الأدلّة التي ثبت حجّيّتها بأحاديث الحجج عليهم السلام بعد جمع الأدلّة وترجيحها.
وفي قوله: (وعرف أحكامنا) دلالة على بلوغه إلى مرتبة معرفة جميع الأحكام، أو القدر المعتدّ به بحسب الوسع ـ سواء كانت معرفة بالفعل، أو بالقوّة القريبة منها ـ بحيث يصحّ إطلاق المعرفة على تلك المرتبة. وتلك المعرفة تحصل بعد الفطنة القويمة والعلم