285
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.فإذا حَكَمَ بحُكمِنا فلم يَقْبَلْهُ منه فإنّما استخَفَّ بحكم اللّه وعلينا رَدَّ ، .........

«وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إناثا» ۱ أي وصفوهم بذلك وحكموا بكونهم إناثا.
والأوّل أولى؛ لأنّ على الثاني يكون المجتهد متّصفا بالحكومة، ويكون قوله عليه السلام مبيّنا لاتّصافه لا بنصب الإمام عليه السلام إيّاه. والظاهر من الحديث أنّه منصوب بنصب الإمام؛ فتدبّر.
ثمّ الظاهر من الحاكم القاضي ـ وهو الذي يحكم حكما شرعيا في الوقائع الخاصّة، ويُنفذ الحكم كالحَكَم ـ لا المفتي، وهو الذي يفتي الحكم الشرعي عموما. يشعر بذلك قولُ الجوهري: «الحُكْمُ: مصدر قولك: حَكَمَ بينهم يَحْكُمُ، أي قضى» ۲ . وقول صاحب القاموس: «الحاكمُ: مُنَفِّذُ الحكم كالحَكَم محرّكة» ۳ انتهى.
وقيل ۴ : الحاكم يستعمل في الأعمّ من المُفتي والقاضي بخلاف الحَكَم؛ فإنّ أكثر استعماله في القاضي، فقوله: «قد جعلته عليكم حاكما» إشارة إلى أنّ هذا مفتٍ أيضا. انتهى.
وقوله عليه السلام : (فإذا حَكَمَ بحُكمِنا) أي إذا قضى بالحكم الشرعي الذي وصل منّا إليه (فلم يَقْبَلْه منه) أي لم يقبل المحكوم عليه الحكم منه (فإنّما استخَفَّ بحكم اللّه ) حيث لم يطع حكم الفقيه الجامع لشرائط الحكم، وقد أوجب اللّه تعالى إطاعته بالوحي على الرسول الذي يكشف عنه أحاديث الحجج عليهم السلام ، أو بإيجاب طاعتهم عليهم السلام حيث قال في محكم كتابه: «أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ»۵ وهم ينصبون نصبا عامّا، ويحكمون بوجوب إطاعته، فإطاعته إطاعتهم، وإطاعتهم حكم اللّه تعالى، فإطاعته حكم اللّه تعالى، ومخالفته استخفاف بحكمه تعالى.
وقوله عليه السلام : (وعلينا رَدَّ) لأنّه ردّ قضاء من نصبوه، أو وصفوه بالحكومة، وحكموا بحكومته وقضائه.

1.الزخرف (۴۳): ۱۹.

2.الصحاح، ج ۴، ص ۱۹۰۱ (حكم).

3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۳۶ (حكم).

4.القائل الملّا خليل القزويني في الشافي، ص ۲۷۰ (مخطوط).

5.النساء (۴): ۵۹.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
284

۰.فإنّي قد جعلتُه عليكم حاكما ، .........

يكذب علينا» ۱ لكنّ الحديث المذكور ضعيف الطريق ۲ .
وفي الطريق الثاني المعلّى بن محمّد وهو ضعيف، والحسين بن محمّد وهو مشترك بين الثقة والضعيف، لكنّهما مشتهران بين الأصحاب اتّفقوا على العمل بمضمونهما. والرواية الاُولى تسمّى مقبولة عمر بن حنظلة، ومعناه أنّ أصحابنا تلقّتها بالقبول، وعليها المدار في العمل، فكان ذلك جابرا لضعفها عندهم. ورواية أبي بصير المتقدّمة أيضا لا تخلو ۳ عن دلالة على المطلوب.
فقوله عليه السلام : (فإنّي قد جعلتُه عليكم حاكما) وكذا قوله: (فإنّي قد جعلتُه قاضيا) أي قد صيّرته حاكما وقاضيا عليكم كما هو الظاهر من العبارة، فحينئذٍ يكون كلّ مجتهد مستجمع للشرائط منصوبا للحكم والقضاء من جانب الإمام عليه السلام بنصبٍ عامّ. والنصب الخاصّ لمعيّن إنّما يكون في زمان حضور الحجّة مع تمكّنه من النصب، فيكون ذلك الحكم باقيا إلى ظهور القائم عليه السلام ؛ لأنّه إمّا أن يحمل الحديثان على نصبه عليه السلام الفقيه في عصره وفي الأعصار بعده كما هو الظاهر من كلامه، أو على نصبه في عصره، وعلى الأوّل قد يكون الفقيه منصوبا لم ينعزل بعزله، ولا بعزل من يقوم مقامه؛ لعدم دليل على ذلك، والأصل بقاء ما كان حتّى يظهر خلافه، وكذلك على الثاني أيضا؛ لأنّه لا ينقضي أيّام نصبه بانقضاء أيّامه عليه السلام وتجدّد أيّام إمام آخر ما لم ينعزل؛ لاتّحاد طريقتهم واستحسان اللاحق ما حسّنه السابق منهم، وكون المتأخّر خليفة المتقدّم، فما لم يظهر منه خلاف ما جاء من المتقدّم حُكم ببقائه.
ويحتمل أن يكون معنى العبارتين: إنّي قد حكمت بحكومته وقضائه، وسمّيته بالحاكم والقاضي، يقال: جعل فلان زيدا أعلمَ الناس، إذا وصفه بذلك وحكم به. ومنه قوله تعالى:

1.الكافي، ج ۳، ص ۲۷۵، ح ۱ وص ۲۷۹، ح ۶؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۲۶۰، ح ۹۳۲ وص ۲۶۷، ح ۹۶۵؛ تهذيب الأحكام، ج ۲، ص ۲۰، ح ۵۶ وص ۳۱، ح ۹۵؛ وسائل الشيعة، ج ۴، ص ۱۳۳، باب ۵، ح ۶ وص ۱۵۶، باب ۱۰، ح ۱ وج ۲۷، ص ۸۵، ح ۸.

2.لمكان يزيد بن خليفة.

3.في النسخة: «المتقدّم... لا يخلو».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 145605
صفحه از 739
پرینت  ارسال به