۰.فإذا حَكَمَ بحُكمِنا فلم يَقْبَلْهُ منه فإنّما استخَفَّ بحكم اللّه وعلينا رَدَّ ، .........
«وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إناثا»
۱ أي وصفوهم بذلك وحكموا بكونهم إناثا.
والأوّل أولى؛ لأنّ على الثاني يكون المجتهد متّصفا بالحكومة، ويكون قوله عليه السلام مبيّنا لاتّصافه لا بنصب الإمام عليه السلام إيّاه. والظاهر من الحديث أنّه منصوب بنصب الإمام؛ فتدبّر.
ثمّ الظاهر من الحاكم القاضي ـ وهو الذي يحكم حكما شرعيا في الوقائع الخاصّة، ويُنفذ الحكم كالحَكَم ـ لا المفتي، وهو الذي يفتي الحكم الشرعي عموما. يشعر بذلك قولُ الجوهري: «الحُكْمُ: مصدر قولك: حَكَمَ بينهم يَحْكُمُ، أي قضى» ۲ . وقول صاحب القاموس: «الحاكمُ: مُنَفِّذُ الحكم كالحَكَم محرّكة» ۳ انتهى.
وقيل ۴ : الحاكم يستعمل في الأعمّ من المُفتي والقاضي بخلاف الحَكَم؛ فإنّ أكثر استعماله في القاضي، فقوله: «قد جعلته عليكم حاكما» إشارة إلى أنّ هذا مفتٍ أيضا. انتهى.
وقوله عليه السلام : (فإذا حَكَمَ بحُكمِنا) أي إذا قضى بالحكم الشرعي الذي وصل منّا إليه (فلم يَقْبَلْه منه) أي لم يقبل المحكوم عليه الحكم منه (فإنّما استخَفَّ بحكم اللّه ) حيث لم يطع حكم الفقيه الجامع لشرائط الحكم، وقد أوجب اللّه تعالى إطاعته بالوحي على الرسول الذي يكشف عنه أحاديث الحجج عليهم السلام ، أو بإيجاب طاعتهم عليهم السلام حيث قال في محكم كتابه: «أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ»۵ وهم ينصبون نصبا عامّا، ويحكمون بوجوب إطاعته، فإطاعته إطاعتهم، وإطاعتهم حكم اللّه تعالى، فإطاعته حكم اللّه تعالى، ومخالفته استخفاف بحكمه تعالى.
وقوله عليه السلام : (وعلينا رَدَّ) لأنّه ردّ قضاء من نصبوه، أو وصفوه بالحكومة، وحكموا بحكومته وقضائه.