۰.والرادُّ علينا الرادُّ على اللّه ، وهو على حدّ الشركِ باللّه » .
قلت : فإن كانَ كلُّ رجل اختار رجلاً من أصحابنا، فرَضِيا أن يكونا الناظِرَيْنِ في حقّهما ، واختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختَلَفا في حديثكم؟
وقوله عليه السلام : (والرادُّ علينا الرادُّ على اللّه ) لأنّهم لم يقولوا إلّا بما جاء من عند اللّه تعالى (وهو) أي المستخفّ بحكم اللّه الرادّ على اللّه «على حدّ الشرك باللّه » أي على مرتبة من الضلالة، لا مرتبة فيها أشدّ منها وفوقها في الآخرة إلّا مرتبة الشرك باللّه تعالى؛ لأنّه باستخفافه بحكم اللّه وبردّه على اللّه الناشئ من ردّه على الأئمّة عليهم السلام يخرج عن الإيمان، وبخروجه عن الإيمان يكفر ويخلد في النار كما يخلد المشرك فيها إلّا أنّ عذاب المشرك أشدّ من عذاب جميع من عداه، فلم يبق له إلّا إطلاق اسم المسلم عليه في الدنيا، وإجراء أحكام المسلمين عليه فيها من حَقْن الدم والمال ونحوهما على رأي جمع من أصحابنا، وإلّا فهو في الواقع كافر ومخلّد في النار؛ لإنكاره أصلاً من اُصول الدين.
ويحتمل أن يكون المرادُ بحدّ الشرك باللّه حدَّ الشرك وما في حكمه من أنواع الكفر الذي لا يجري على صاحبه أحكام المسلمين في الدنيا. وذكر خصوص الشرك لاتّباع القرآن كما قال اللّه تعالى: «إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ»۱ الآية، والمقصود أنّه لا تكون مرتبة فوق هذه الضلالة في الدنيا والآخرة إلّا مرتبة الكفر المذكور لإجراء أحكام المسلمين على صاحبها في الدنيا بخلاف صاحب الكفر المذكور.
وهذان التفسيران على ما هو المشهور بين الفقهاء، وأمّا على رأي السيّد رحمه الله ۲ من الحكم بإجراء أحكام الكفّار على أهل الخلاف في الدنيا فتفسيره أنّه لا تكون مرتبة فوق هذه الضلالة في الدنيا والآخرة إلّا مرتبة الشرك باللّه ؛ لأنّ المشرك أشدّ عذابا من جميع من عداه.
وقوله: (فإنّ كلّ واحد) وفي بعض النسخ: «كلّ رجل».
وقوله: (واختلفا فيما حكما، وكلاهما) وقع الاختلاف (بينهما في حديثكم؟) يعني اختلافهما في الحكم استند إلى اختلافهما في الحديث.