287
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.قال : الحكمُ ما حَكَمَ به أعدلُهما وأفقهُهما وأصدقُهما في الحديث وأورعُهما ،

وقوله عليه السلام : (الحكم ما حَكَمَ به أعدلهما وأفقهُهما وأصدقُهما في الحديث وأورعُهما) ظاهر العبارة الحكم [بـ]ترجيح من اتّصف بالصفات الأربع جميعا، وحينئذٍ يكون الحكمُ بالرجحان على تقدير اتّصافه ببعضها دون بعض ـ كأن يكون أعدل من الآخر مثلاً ومساويا له في الثلاثة الباقية ـ مسكوتا عنه، ولا يبعد أن يكون الواو بمعنى «أو» وحينئذٍ يكون المراد الحكم بترجيح من اتّصف بواحد منها، وعلى هذا يكون الحكم بترتيب الرجحان فيما إذا كان أحدهما متّصفا ببعض منها، والآخر متّصفا ببعض آخر مسكوتا عنه. اللّهمّ إلّا أن يستدلّ على ذلك بالترتيب الذكري؛ ولا يخفى ضعفه.
والعدالة: ملكة نفسانيّة تنبعث عن ملازمة التقوى والمروّة.
والتقوى هو الاجتنابُ عن الكبائر، وعدمُ الإصرار على الصغائر.
والمروّة: عدم ارتكاب ما يدلّ على خسّة النفس ودناءة الهمّة، سواء كانت ۱ صغيرة كسرقة لقمة وتطفيف في الوزن ببخسه ۲ ، أو مكروها، أو مباحا كالاجتماع مع الأراذل والحِرف الدنيّة كالحياكة والدباغة والحجامة، وكالأكل في السوق ممّن لا يليق به ذلك من غير ضرورة تحمله على ذلك؛ لأنّ مرتكبها لا يجتنب الكذب غالبا.
وقد مرّ معنى الفقه والاجتهاد.
والأصدق في الحديث من يكون أرعى للفظ المعصوم، وأقلَّ عدولاً عنه إلى لفظ آخر وإن كان موافقا له في المعنى، أو من يكون حديثه أصحّ من حديث الآخر بأن ينقله من أعدل، أو بأن تكون أكثر رواياته من العدول والثقات، أو من لا يعتمد في الحكم إلّا على الأحاديث الصحيحة دون الموثّق والحسن فضلاً عن الضعيف. والأخير أنسب بالمقام.
والأورع هو الأتقى والأبعد عن المعاصي باجتناب الشبهات والمكروهات.

1.في النسخة: «دناء... كان».

2.البَخْسُ: الناقص. يقال: «شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ» . وقد بَخَسَهُ حقَّه يَبْخَسُهُ بَخْسا، إذا نَقَصَهُ . اُنظر: الصحاح، ج ۲، ص ۹۰۷ (بخس).


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
286

۰.والرادُّ علينا الرادُّ على اللّه ، وهو على حدّ الشركِ باللّه » .
قلت : فإن كانَ كلُّ رجل اختار رجلاً من أصحابنا، فرَضِيا أن يكونا الناظِرَيْنِ في حقّهما ، واختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختَلَفا في حديثكم؟

وقوله عليه السلام : (والرادُّ علينا الرادُّ على اللّه ) لأنّهم لم يقولوا إلّا بما جاء من عند اللّه تعالى (وهو) أي المستخفّ بحكم اللّه الرادّ على اللّه «على حدّ الشرك باللّه » أي على مرتبة من الضلالة، لا مرتبة فيها أشدّ منها وفوقها في الآخرة إلّا مرتبة الشرك باللّه تعالى؛ لأنّه باستخفافه بحكم اللّه وبردّه على اللّه الناشئ من ردّه على الأئمّة عليهم السلام يخرج عن الإيمان، وبخروجه عن الإيمان يكفر ويخلد في النار كما يخلد المشرك فيها إلّا أنّ عذاب المشرك أشدّ من عذاب جميع من عداه، فلم يبق له إلّا إطلاق اسم المسلم عليه في الدنيا، وإجراء أحكام المسلمين عليه فيها من حَقْن الدم والمال ونحوهما على رأي جمع من أصحابنا، وإلّا فهو في الواقع كافر ومخلّد في النار؛ لإنكاره أصلاً من اُصول الدين.
ويحتمل أن يكون المرادُ بحدّ الشرك باللّه حدَّ الشرك وما في حكمه من أنواع الكفر الذي لا يجري على صاحبه أحكام المسلمين في الدنيا. وذكر خصوص الشرك لاتّباع القرآن كما قال اللّه تعالى: «إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ»۱ الآية، والمقصود أنّه لا تكون مرتبة فوق هذه الضلالة في الدنيا والآخرة إلّا مرتبة الكفر المذكور لإجراء أحكام المسلمين على صاحبها في الدنيا بخلاف صاحب الكفر المذكور.
وهذان التفسيران على ما هو المشهور بين الفقهاء، وأمّا على رأي السيّد رحمه الله ۲ من الحكم بإجراء أحكام الكفّار على أهل الخلاف في الدنيا فتفسيره أنّه لا تكون مرتبة فوق هذه الضلالة في الدنيا والآخرة إلّا مرتبة الشرك باللّه ؛ لأنّ المشرك أشدّ عذابا من جميع من عداه.
وقوله: (فإنّ كلّ واحد) وفي بعض النسخ: «كلّ رجل».
وقوله: (واختلفا فيما حكما، وكلاهما) وقع الاختلاف (بينهما في حديثكم؟) يعني اختلافهما في الحكم استند إلى اختلافهما في الحديث.

1.النساء (۴): ۴۸ و۱۱۶.

2.تقدّم تخريجه في ص ۲۰۰.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 145578
صفحه از 739
پرینت  ارسال به