289
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.فيُجْتَنَبُ ، وأمرٌ مشكلٌ يُرَدُّ علمُه إلى اللّه وإلى رسوله ، قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : حلالٌ بَيِّنٌ وحرامٌ بَيِّنٌ وشبهاتٌ بين ذلك ، فمن تَرَكَ الشبهاتِ نجا من المحرّمات ، ومن أخَذَ بالشبهاتِ ارتَكَبَ المحرّماتِ ، وهَلَكَ من حيثُ لا يَعلَمُ» .
قلت : فإن كانَ الخَبَرانِ عنكما مشهورَيْنِ قد رواهما الثقاتُ عنكم؟ .........

أي رشد من اتّبعه، وهو الظاهر حقّيّته؛ لغلبة الظنّ، أو العلم بصحّة الرواية المتضمّنة له، أو بدلالة الكتاب، أو غير ذلك من الأدلّة المعتبرة في الشرع عليه (فيُتَّبَعُ، وأمر بيّنٌ غَيُّه) أي غيّ من اتّبعه، وهو الظاهر بطلانه؛ لغلبة الظنّ، أو العلم بصحّة الرواية المتضمّنة لبطلانه، أو بدلالة الكتاب، أو غير ذلك من الأدلّة الشرعيّة الثابتة حجّيّتها من الحجج عليهم السلام على بطلانه (فيجتنب، وأمرٌ مشكل) وهو ما لا يغلب الظنّ بحقّيّته، أو بطلانه فضلاً عن العلم من أدلّته؛ لعدم وضوح دلالة الكتاب عليه، وعدمِ وجدان الحديث الصحيح الدالّ عليه، وعدمِ دلالة سائر الأدلّة عليه، فهذا لا يحكم فيه ولا يفتى به بالرأي والقياس والاستحسانات العقليّة وأمثالها كما فعله العامّة، بل يجب أن يتوقّف فيه و(يُردُّ علمُه إلى اللّه ) تعالى وإلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بأن يقال: اللّه ورسوله يعلم.
وقوله عليه السلام : (قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : حلال بيّن) إلخ، استشهاد لما ذكره.
وقوله صلى الله عليه و آله : (فمن تَرَكَ الشبهاتِ) إلخ، أعمّ مأخذا ممّا ذكره عليه السلام بقوله: «يردّ علمه إلى اللّه وإلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله »؛ لاختصاص الأوّل بالحكم والفتيا، واشتمال ذلك لهما وللعمل أيضا «فمن ترك الشبهات» أي فتيا وحكما وعملاً (نجا من المحرّمات) فإنّ الفتيا بالمشتبه حرام، وكذا الحكم به، وكذا العمل به، على أنّه مطلوب الشارع. وفي هذا القول دلالة على فضل ترك ما فيه شبهة الحرمة «ومن أخذ بالشبهات» أي فتيا أو حكما أو عملاً (ارتكب المحرّمات، وهلك) أي ضلّ (من حيث لا يعلم) لأنّه حينئذٍ متعبّد لهواه والشيطان، وهو على حدّ الشرك باللّه .
وقوله: (فإن كان الخبرانِ عنكما) كذا في النسخ المعتبرة، والمراد الصادق وأبوه ۱ عليهماالسلام.

1.في النسخة: «أبيه».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
288

۰.ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر» .
قال : قلت : فإنّهما عَدْلانِ مَرضيّانِ عند أصحابنا ، لا يُفضَّلُ واحدٌ منهما على الآخَرِ؟ قال : فقال : «يُنْظَرُ إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك ، فيؤخَذُ به من حكمنا ، ويُترَكُ الشاذُّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمَعَ عليه لا ريبَ فيه ؛ وإنّما الأُمور ثلاثةٌ : أمرٌ بَيِّنٌ رشدُه فيُتَّبَعُ ، وأمرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ

وقوله: (لا يفضّل) على صيغة المجهول من باب التفعيل، أو المعلوم من المجرّد (واحدٌ منهما على صاحبه) وفي بعض النسخ: «على الآخر» أي لا يفضّل في شيء من الصفات الأربع فبحكم أيّهما يؤخذ؟ فأجاب عليه السلام وبيّن له وجها ۱ آخر للترجيح بقوله: (يُنْظَرُ إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك) يعني ينظر إلى حديث كان ذلك الحديث المجمع عليه، أي المشهور من أصحابك من جملة رواية الأصحاب عنّا في ذلك الأمر المتنازع فيه الذي حكم الحاكمان فيه (فيُؤخَذُ) بالمشهور (من حكمنا) بين الشيعة (ويُترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك) أي الشيعة الإماميّة. فـ «كان» ناقصة، واسمه ضمير مستتر فيه راجع إلى «ما» وخبره «المجمع عليه» والباء في قوله: «حكما به» بمعنى «في» والمراد بالمجمع عليه هاهنا المشهور روايته بين الأصحاب والأكثر رواةً، لا ما يكون العمل به أشهر والعامل به أكثر؛ لقوله عليه السلام : «ما كان من روايتهم عنّا» ولقول السائل فيما بعد «فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكما» ولا ما أجمع عليه بالإجماع المصطلح بقرينة قوله عليه السلام : «ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك».
وقوله عليه السلام : (فإنّ المجمع عليه) أي المشهور (لا ريب فيه) أي لا ريب في جواز العمل به؛ لأنّه أبعد عن الغلط، ويفيد غلبة الظنّ بصحّة الرواية وهي مناط الترجيح، فيجب استناد الحكم بالرواية الصحيحة، وكلّما كانت أصحّ كانت أرجح.
وقوله عليه السلام : (إنّما الاُمور) أي العقائد والأحكام الشرعيّة (ثلاثة) أقسام (أمرٌ بَيِّنٌ رشدُه)

1.في النسخة: «وجه».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 145579
صفحه از 739
پرینت  ارسال به