كتاب التوحيد
كتاب التوحيد
اعلم أنّ التوحيد قد يطلق على معانٍ:
أحدها: نفي الشريك وتنزيهه تعالى عنه، وذلك على ثلاثة أقسام:
الأوّل: نفي الشريك في الإلهيّة؛ يعني استحقاق العبادة، وهي أقصى غاية التذلّل والخضوع؛ ولذلك لا تستعمل إلّا في التذلّل للّه تعالى؛ لأنّه مولي أعظم النعم ۱
بل جميعها، دنيويا كان أو اُخرويا، سواء كان بلا واسطة أو بالواسطة، فكان هو حقيقا بأقصى غاية الخضوع والتذلّل لا غيره، وهذا هو التوحيد الشرعي الذي لا يستقلّ العقل بإثباته، وقد بعث اللّه تعالى جميع الأنبياء والمرسلين لتبليغه حيث قال في محكم كتابه في سورة حم السجدة: «إذ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلّا تَعْبُدُوا إِلّا اللّهَ»۲ وهو المقصود أوّلاً للنبيّ صلى الله عليه و آله وسلم في صدر الإسلام بقوله: «اُمرت أن اُقاتل الناسَ حتّى يقولوا: لا إله إلّا اللّه فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم» لأنّ المخالفين فيه هم مشركو العرب الوثنيّة بعد علمهم بأنّ صانع العالم واحد، كما يدلّ عليه قوله تعالى: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمواتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ»۳ .
والثاني: نفي الشريك في صانعيّة العالم، أي صانعيّة جميع ما يغايره تعالى، وهو معنى