الكمالات، ومتنزّه عن جميع النقائص، ويسمّى لفظ «اللّه »، وما هو كذلك واحد، للآيات الدالّة على وحدة اللّه تعالى، فالواجب بالذات واحد.
وهذا القسم من التوحيد أيضا توحيد عقلي يستقلّ العقل بإثباته، وبُرهِنَ عليه ببراهين كثيرة في الكتب الحِكميّة والكلاميّة، وقد استدلّ عليه الإمام عليه السلام أيضا بالبرهان العقلي كما سيجيء بيانه إن شاء اللّه تعالى.
ومقابلُ التوحيد بأحد من هذه المعاني الثلاثةِ الشركُ باللّه ، ومنكره مشرك، وحينئذٍ فتنزيهه تعالى عن سائر ما لا يليق به باعتبار كمال ذاته ـ عدا تنزيهه عن الشريك كتنزيهه عن الجهل والعجز ونحوهما ـ يسمّى نعتا، وقد يطلق النعت على توصيفه بالصفات الثبوتيّة والسلبيّة مطلقا.
وثانيها: المعنى الشامل لنفي الشريك وللنعت بالمعنى الأوّل؛ يعني تنزيهه تعالى عمّا لا يليق به باعتبار كمال ذاته سواء كان شريكا، أو غيره من الجهل والعجز والمكان ونحوها. وعلى التقديرين فتنزيهه تعالى عمّا لا يليق به باعتبار فعله وتركه كالظلم وترك اللطف يسمّى بإثبات العدل. وإلى هذا المعنى ناظر ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام «التوحيدُ أن لا تَتَوَهَّمَهُ، والعدلُ أن لا تَتَّهِمَه» ۱ وما روي عن الصادق عليه السلام «التوحيد أن لا تجوّز على ربّك ما جاز عليك، والعدل أن لا تنسب إلى صانعك ما لا مك عليه» ۲ .
وثالثها: المعنى الشامل للمعنى الثاني وللعدل أيضا، وهو تنزيهه تعالى عمّا لا يليق به في صفاته وأفعاله، أي عمّا يستحيل عليه، سواء كان وجوديا كالشريك والابن والظلم، أو عدميا كالعجز والجهل وترك الأصلح.
ورابعها: كلّ ما يتعلّق بأحواله تعالى، فإنّه قد شاع استعماله على ذلك المعنى في لسان أهل الشرع.
والمقصود من هذا الكتاب إثباته تعالى وتوحيده بالإلهيّة وصانعيّة العالم والوجوب