321
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.والليلَ والنهارَ يَلِجان فلا يَشتبهان ويَرجِعان ، قد اضطُرّا ، ليس لهما مكانٌ إلّا مكانُهما ،

الموجودات الممكنة ـ بحيث لا يشذّ عنها فرد ـ محتاجٌ في صيرورته موجودا إلى موثّر موجود خارج عنها، والموجود الخارج عن سلسلة جميع الممكنات واجب الوجود بالذات، فثبت أنّ واجب الوجود بالذات موجود في الخارج، فالموجود الخارجي لا ينحصر في الممكنات، هذا خلف.
وبطريق آخر أقول: جميع الموجودات الممكنة ـ ولو كانت غير متناهية ـ يمكن طريان العدم عليها بالكلّيّة، أو يمكن أن يكون معدوما رأسا وبالكلّيّة بدل كونها موجودا، وكلّ ما هو كذلك فله مؤثّر موجود خارج عنه، مباين له، بحكم المقدّمات المذكورة، والموجود الخارج عن الممكنات جملة وجميعها هو واجب الوجود بالذات، فلا ينحصر الموجود الخارجي في الممكنات، هذا خلف. ولا يتوهّم شبهة ما فوق المعلول الأخير هاهنا أصلاً كما لا يخفى.
إذا عرفت هذا فلنرجع إلى تقرير الوجوه الثلاثة التي استدلّ بها عليه السلام على إثبات الصانع القادر المختار العالم الواجب بالذات.
أمّا الوجه الأوّل فأشار إليه عليه السلام بقوله: «أما تَرى الشمس والقمر» إلى قوله: «وأكبر» «أما» حرف تنبيه. ويحتمل أن يكون الهمزة للاستفهام الإنكاري و«ما» نافية. و«الشمس» منصوب مفعول أوّل لـ «ترى». و«الليل» مرفوع بالابتداء. و«يلجان» خبر عن الليل والنهار، والجملة حاليّة. و«قد اُضطرّا» على صيغة المجهول مفعول ثانٍ لـ «ترى» أي تعلم الشمس والقمر قد اضطرّا في حركتهما والحال أنّ الليل والنهار يلجان، أي يلج كلّ واحد منهما في صاحبه بأن يدخل شيء من الوقت والقدر الذي كان داخلاً في الليل في النهار في أيّام طول النهار، وبالعكس في أيّام طول الليل، فلا يشتبه قدرهما بالدخول والخلط، بل محفوظ على نسق واحد، ويرجعان إلى مثل ما كانا عليه أوّلاً من استوائهما وعدم الولوج في كلّ سنة مرّتين عند تحويل الشمس إلى أوّل الحَمَل، وعند تحويلها إلى أوّل الميزان.
وقوله عليه السلام : (ليس لهما مكان) إلخ دليل على اضطرارهما، أي ليس للشمس والقمر


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
320

المقدّمة الثالثة: أنّ الموجودات ـ التي يحتاج كلّ واحد منها إلى موجد مباين له ـ يحتاج مجموعها ـ سواء كانت متناهية أو غير متناهية ـ إلى الموجد المباين لذلك المجموع الخارج عن الكلّ، وحكم الواحد والجملة لا يختلف في هذا المعنى؛ لأنّ مجموعها ماهيّات يصحّ على جميع تلك الماهيّات أن يكون خالية عن الوجود؛ فإنّه كما أنّ كلّ واحد منها لا يكون موجودا في حدّ ذاته ونفسه، ويحتاج في صيرورته موجودا إلى أمر موجود مباين له، كذلك جملة تلك الآحاد ومجموعها ـ متناهية كانت أو غير متناهية ـ لا تكون موجودةً في حدّ ذاتها ونفسها، وتحتاج في صيرورتها موجودة ۱ إلى أمر مباين لها خارج عنها؛ فإنّ العقل لا يفرّق في هذا الحكم بين كلّ واحد منها وبين الجملة المتناهية منها بالضرورة، وكذلك لا يفرّق بين الجملة المتناهية وبين الجملة الغير المتناهية منها بالبديهة.
وبالجملة، جميع الممكنات الصرفة ـ سواء كانت متناهية أو غير متناهية ـ في حكم ممكن واحد في إمكان طريان الانعدام عليها بالكلّيّة، فالكلّ يحتاج إلى مؤثّر موجود خارج عنه، وهذا من ضروريّات الفطرة السليمة التي لا تختلّ بسوء الاستعداد، ولا تشاب ۲ بشوائب الشكوك والشبهات.
وأقول: بهذه المقدّمات قد تبيّن إثبات الواجب بالذات بحيث لا يحتاج إلى أخذ الدور والتسلسل في بيانه، تقريره أنّه إن كان في سلسلة الموجودات واجب الوجود بالذات فهو المطلوب، وإلّا فانحصر الموجود الخارجي في الممكنات، والتالي باطل، فالمقدّم مثله. أمّا الملازمة فضروريّة ۳
، وأمّا بيان بطلان التالي فأقول فيه: جميع الموجودات الممكنة ـ بحيث لا يشذّ عنها فرد ـ ممكن خالٍ عن الوجود في حدّ ذاته ونفسه، وكلُّ ما هو ممكن غير موجود في حدّ ذاته ونفسه ـ سواء كان واحدا أو متعدّدا، متناهيا أو غير متناهٍ ـ محتاج في صيرورته موجودا إلى مؤثّر موجود مباين له، خارجٍ عنه بحكم المقدّمات الثلاث، فجميعُ

1.في النسخة: «لا يكون موجودا... ويحتاج... موجودا».

2.في النسخة: «لا يختل... لا يشاب».

3.في النسخة: «فضروري».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 145005
صفحه از 739
پرینت  ارسال به