323
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.نَهارا والنهارُ ليلاً؟ اضطرّا واللّه يا أخا أهلِ مصرَ إلى دوامهما ، والذي اضطَرَّهما أحكَمُ منهما .........

حركة منضبطة على نسق واحد لا يتغيّر أبدا يتحدّس من ذلك بأن التحرّك بها غير مختار، كما يتحدّس من عدم اختلاف مقتضيات الجمادات ـ إذا خلّيت بطبائعها ـ بعدم اختيارها، فلو كانت حركتهما اختياريّة، وكانا غير مضطرّين في انضباط حركتهما لتختلف حركتهما، كما يشهد عليه الحدس الصائب، فيصير ما يكون ليلاً عند الاتّساق كلّه، أو بعضه نهارا، وما يكون نهارا عند الانضباط كلّه، أو بعضه ليلاً، والتالي ظاهر البطلان، فكذا المقدّم، فبقي أنّ حركتهما إراديّة اضطراريّة وهما مضطرّان في الانضباط، فقوله: «وإن كانا» إلى قوله: «اُضطرّا» دليل على أنّ حركتهما ليست اختياريّة وإراديّة صرفة.
وقولُه عليه السلام : (اُضطرّا واللّهِ يا أخا أهل مصر إلى دوامهما) أي استمرارهما على النسق الذي هما عليه، نتيجةٌ للدليل. وتأكيده بالقَسَم إشارة إلى أنّه حكم متيقّن بالبرهان، وليس من المظنونات.
وإذا كانا مضطرّين في الحركة كان (الذي اضطَرَّهما) وجعلهما مضطرّين ـ يعني المحرّك الأوّل والمبدأ الأوّل لهاتين الحركتين الاضطراريّتين، سواء كان مبدأ لهما بلا واسطة أو بواسطة أو بوسائط، متناهية كانت تلك الوسائط؛ لاستحالة آلته، أو غير متناهية على تقديرٍ محالٍ ـ (أحكمُ منهما) أي أشدّ إحكاما، وأقوى وأقدر منهما وممّا يحذو حذوهما من سائر الأجرام الفلكيّة المشاركة لهما في لزوم المكان والاضطرار؛ لأنّ الغالب القاهر أقوى من المغلوب المقهور بالضرورة، ولا شكّ في أنّ ما هو أقوى من الأجرام العِلويّة الفلكيّة لا يكون جسما ولا جسمانيا، فلا يكون له مكان ومحلّ وموضوع وغير ذلك من خواصّ الأجسام والجسمانيّات، فثبت أنّه مجرّد.
وقد بُني التفضيل من المزيد فيه على الشذوذ كما في «أخصر» من الاختصار، وفي «أفلس» من الإفلاس.
وقيل: «أحكم» هاهنا مشتقّ من الحكمة، يعني أنّ هذه الآثار يترتّب عليها مصالح


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
322

۰.فإن كانا يَقدِرانِ على أن يَذهَبا فَلِمَ يرجعانِ؟ وإن كانا غيرَ مُضطرَّيْنِ فَلِمَ لا يَصيرُ الليلُ

مكان في سيرهما إلّا مكانهما الذي هما عليه في السير ذهابا ورجوعا يعني لهما في الحركة انتظام وانتساق واحد لا يتجاوزانه أبدا، فتلك الحركة لا يجوز أن تكون ۱ طبيعيّة؛ لأنّهما (إن كانا يقدران) أي يقويان (على أن يذهبا) بالطبع (فلِمَ يرجعان؟).
والحاصل أنّ طبيعتهما إن اقتضيتا الذهاب من حدّ، والتوجّه إلى حدّ آخر، فلِمَ يرجعان عن حدّ المتوجّه إليه إلى الحدّ المذهوب عنه؟
توضيح ذلك أنّ الحركة الطبيعيّة هرب عن حالة منافرة، وطلب لحالة ملائمة، وكلّ من الهرب والطلب في الحركة المستديرة محال. أمّا أنّه لا يمكن أن تكون تلك الحركة هربا، فلأنّ ترك كلّ نقطة، أو وضعٍ في الحركة المستديرة، وهربَه عن كلّ منهما عين التوجّه إلى ذلك النقطة، أو إلى مثل ذلك الوضع. والهرب عن الشيء بالطبع استحال أن يكون توجّها إليه.
وأمّا أنّه لا يمكن أن يكون طلبا لحالة ملائمة، فلأنّ طلب كلّ نقطة، أو وضع في الحركة المستديرة، والتوجّه إلى كلّ منهما عين تركه وهربه عن تلك النقطة، أو عن مثل ذلك الوضع. والتوجّه إلى الشيء بالطبع استحال أن يكون هربا عنه، ولأنّ الطبيعة إذا أوصلت الجسم بالحركة إلى الحالة المطلوبة سكّنته، وحينئذٍ يلزم دوام الليل، أو دوام النهار وصيرورة أحدهما آخر.
ولا يجوز أن يكون قسريّة؛ لأنّ القسر على خلاف ميل يقتضيه الطبع، فحيث لا طبع لا قسر. ولمّا كان نفي الحركة الطبيعيّةً مستلزما ۲ لنفي القسريّة اكتفى عليه السلام بذكر الأوّل، ولم يتعرّض للتصريح بالثاني، فقوله عليه السلام : «فإن كانا يقدران» إلى قوله: «وإن كانا» برهان على نفي هاتين ۳ الحركتين عن الشمسين.
ولا يجوز أن يكون اختياريّة، أي إراديّة محضة غير اضطراريّة؛ لأنّ العاقل متى رأى

1.في النسخة: «أن يكون».

2.في النسخة: «مستلزم».

3.في النسخة: «هذين».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144910
صفحه از 739
پرینت  ارسال به