327
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.لِمَ لا تَنْحَدِرُ الأرضُ فوقَ طِباقِها ، ولا يَتماسكانِ ، ولا يَتماسَك مَن عليها؟» ، قال الزنديق : أمْسَكَهما اللّهُ ربُّهما وسيّدُهما .
قال : فآمَنَ الزنديقُ على يَدَيْ أبي عبداللّه عليه السلام . فقال له حُمرانُ : جُعِلتُ فداك ، إن آمَنَتِ الزنادقةُ على يَدِكَ .........

ولا يجوز أن يكون غير الواجب بالذات؛ لما عرفت من أنّ الممكن ـ سواء كان واحدا أو متعدّدا، متناهيا أو غير متناهٍ ـ يجب أن يستند في الوجود إلى الواجب بالذات، فثبت أنّ مؤثّرهما وصانعهما ـ سواء كان بلا واسطة أو بواسطة أو بوسائط كثيرة ـ يجب أن يكون صانعا قادرا مختارا حكيما واجب الوجود بالذات، وذلك لا ينافي استنادهما أوّلاً بطبيعة السماء والأرض.
وقوله عليه السلام : (لِمَ لا تَنْحَدِرُ الأرضُ؟) معطوف على قوله: (لِمَ لا تَسْقطُ السماءُ على الأرض؟) بحذف العاطف.
وقوله عليه السلام : (فوق طِباقِها) منصوب بنزع الخافض، أي لِمَ لا تنحدر هذه الطبقة من الأرض عن فوق سائر طبقاتها، أو مرفوع بدلاً عن الأرض، أي لِمَ لا تنحدر الطبقة الفوقانيّة من الأرض إلى الماء مع أنّ مكان طبيعيّ الماء فوقها، فكشف اللّه تعالى بحكمته الكاملة وتدبّره للعالم الطبقةَ الفوقانيّة، ورفعها فوق الماء ليتكوّن المعادن والنبات والحيوان والإنسان، وتتعيّش الحيوانات فيها.
وقوله عليه السلام : (فلا يَتماسكانِ) أي السماء والأرض.
وقوله عليه السلام : (ولا يَتَماسَك مَن عليها) أي من على الأرض على سبيل تغليب ذوي العقول على غيرهم.
فلمّا بلغ اليقين ۱
الحاصل للزنديق بالدليل الأوّل إلى أقصى الغاية بتكرار الدليل والاستدلال على المطلوب بوجوه مختلفة ، آمن الزنديق وصرّح بكلمة الإيمان.
وقوله: (إن آمَنَتِ الزنادقةُ على يديك) جزاؤه محذوف اُقيم دليله مقامه، أي فلا

1.في النسخة: «يقين».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
326

۰.يا أخا أهل مصر ، لِمَ السماءُ مرفوعَةٌ والأرضُ مَوضوعَةٌ ؟ لِمَ لا يَسقطُ السماءُ على الأرض ؟

الذاتي الذي هو علّة للاضطرار والاحتياج إلى الغير في الوجود، وإلاّ فهو أيضا محتاج ومضطرّ في اتّصافه بالوجود إلى موجود آخر، وينقل الكلام إليه فإن لم يكن له مبدأ فهو الواجب بالذات، وإلّا فيجب أن ينتهي إليه بحكم المقدّمة الثالثة ۱ ، أو لاستحالة الدور والتسلسل، وبناء على المقدّمة الثالثة ۲ جليلة كثيرة من تركيب المركّبات وحدوث الحادثات وحصول الأنواع المركّبة من الإنسان والحيوان والنبات والمعادن إلى غير ذلك ممّا لا تعدّ ولا تحصى. ولا شكّ في أنّهما صفتان ممكنتان، وكلّ ممكن موجود محتاج إلى مؤثّر موجود بحكم المقدّمة الاُولى، ومؤثّرهما لا يجوز أن يكون عديم الاختيار والشعور؛ لما عرفت من أنّ الاُمور المختلفة المتقابلة لا تصدر عن غير المختار فضلاً عن عديم الشعور.
ولا يجوز أن يكون عديم الحكمة والمصلحة؛ لأنّ العقل حاكم بالضرورة على أنّ ما يشتمل على حِكَم ومصالح كثيرة لا يمكن صدوره عن غير الحكيم.

1.كذا. قال المؤلّف بعد ذكر المقدّمات: «وأقول: بهذه المقدّمات قد تبيّن إثبات الواجب بالذات بحيث لا يحتاج إلى أخذ الدور والتسلسل».

2. لا حاجة في الدليل إلى أخذ استحالتها كما مرّ مرارا، فثبت أنّ مبدأ الكائنات الفاسدات ـ سواء كان بالواسطة أو بدون الواسطة ـ هو صانع الكلّ القادر المختار العالم الواجب بالذات. وأمّا الوجه الثالث فأشار إليه عليه السلام بقوله: (يا أخا أهل مصر لِمَ السماء مرفوعة؟) إلخ، وهذا الوجه استدلال بوجود أحوال مختلفة ثابتة غير متغيّرة للعِلْويات والسِفْليّات مشتملة على حِكَمٍ ومصالح كثيرة على وجود الصانع القادر المختار الحكيم الواجب بالذات لئلّا يتوهّم انحصار طريق الاستدلال على وجوده تعالى في التمسّك بالأحوال المتغيّرة. وخلاصة الدليل أنّ في رفع السماء ووضع الأرض، وعدم التصاق أحدهما بالآخر بأن يكونا كرتين ملتقصتين، وعدم سقوط السماء عليها بأن يتحرّك بالحركة المستقيمة اضطرارا حتّى يقع على الأرض، وعدم انغمار الأرض في الماء، وهما صفتان مختلفتان ثابتتان لهما دائما، مصالحَ عظيمةً وحِكَما في النسخة: «حكم».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144863
صفحه از 739
پرینت  ارسال به