335
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.فقلتُ له : يرحمك اللّه وأيَّ شيءٍ نَقولُ ، وأيَّ شيءٍ يقولون؟ ما قولي وقولُهم إلّا واحد . فقال: «وكيف يكونُ قولُك وقولُهم واحدا، وهم يقولون: إنَ لهم مَعادا وثَوابا وعِقابا،ويدينون بأنَّ في السماء إلها وأنّها عُمْرانٌ ، وأنتم تَزعُمونَ أنَّ السماءَ خَرابٌ ليس فيها أحدٌ؟!» .
قال : فَاغْتَنَمْتُها منه ، فقلتُ له : ما مَنَعَه ـ إن كان الأمرُ كما يقولونَ ـ أن يَظهَرَ لخلقه

وكاف التشبيه هنا مثلها في قولنا: «وإنّ الدين كما وُصِف» ويكتفي التغاير الاعتباري باعتبار اختلاف التعبيرات بالألفاظ.
وقوله: (ما قولي وقولُهم إلاّ واحد) إنكار لإنكاره للصانع والدين.
وقوله عليه السلام : (ويدينون بأنّ في السماء إلها) أي للسماء صانعا مدبّرا معبودا يُعبد ويستحقّ لأن يكون معبودا لكلّ أحد؛ فلذلك أرسل الرسل، ودعا خلقه إلى عبادته، وشرع لهم الشرائع.
وقوله عليه السلام : (وأنّها عُمران) بضمّ العين جمع عامر بمعنى المعمور، كدافق بمعنى المدفوق. ولمّا كان المراد بالسماء الجنس جاز كونه خبرا عنها، كما جاز باعتبار لفظها جعل الخراب خبرا عنها؛ يعني لها أهلاً وهم الذين يعبدون الإله، ويطيعونه فيها كالملائكة.
ويحتمل أن يكون المراد به أنّ لها حافظا ومدبّرا؛ لأنّ الدار التي لها مدبّر حافظ معمورة البتّة، فعبّر بكونها عمرانا عن أنّ لها حافظا مدبّرا تعبيرا عن الملزوم باللازم، وكذلك قوله عليه السلام : (وأنتم تزعمون أنّ السماء خراب ليس فيها أحد) أي ليس فيها أحد يعبدونه ويطيعونه، أو ليس لها أحد يدبّرها ويحفظها، فلا يكون بزعمكم صانع مدبّر معبود يُعبد فيها، ويستحقّ لأن يكون معبودا لكلّ أحد، فلا رسالة ولا شريعة.
وقوله: (فاغتنمتُها منه) أي اغتنمت تلك الكلمة، أو المسألة منه؛ حيث ذكرها بدون تصريح منّي.
وقوله: (ما منعه) إلخ، شبهة من الزنديق على مطلوبه بقياس استثنائي تقريرها أنّه كان الأمر كما يقولون ـ يعني أهل الطواف من أنّ للعالم صانعا قادرا على الممكنات مدبّرا مستحقّا للعبادة حتّى بنوا على ذلك القول دلائل الرسالة والشريعة ـ فما منعه أن يظهر


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
334

۰.رجَع إلينا ابن أبي العوجاء قال : ويلك يا ابن المقفّع ، ما هذا ببَشَرٍ ، وإن كان في الدنيا روحانيٌّ يَتَجَسَّدُ إذا شاءَ ظاهرا و يَتَرَوَّحُ إذا شاء باطنا فهو هذا . فقال له : وكيف ذلك؟ قال : جلستُ إليه ، فلمّا لم يَبْقَ عنده غيري ابْتَدَأني فقال : «إن يَكن الأمرُ على ما يقول هؤلاء ، وهو على ما يقولونَ ـ يعني أهلَ الطواف ـ فقد سَلِموا وعَطِبْتم ، وإن يكن الأمرُ على ما تقولون ـ وليس كما تقولون ـ فقد استَوَيْتم و هُم» .

قال عطاء بن يسار: الويلُ: وادٍ في جهنّم، لو اُرسِلتْ فيها الجبالُ لماعَت ۱
مِن حرّها ۲ . فقوله: «ويلك يا ابن المقفّع» أي ألزمك اللّه ويلاً يا ابن المقفّع.
وقوله: (ما هذا ببشر) تعجّب من تفرّسه وإحاطته عليه السلام بأنواع الأدلّة.
و(روحاني) بضمّ الراء نسبة إلى الروح بمعنى الملك والجنّ.
وقوله: (يتجسّد إذا شاء ظهر) أي يصير ذا جسد وبدن يُبصر به ويُرى إذا شاء أن يظهر على الناس (وَيَتَرَوَّحُ) أي يصير روحا صرفا يبطن ويخفى عن الأبصار والعيون (إذا شاء باطنا)، فقوله: «باطنا» مفعول به لـ «شاء» كما قيل. ويحتمل أن يكون خبرا ليكون مقدّرا في الكلام، أي إذا شاء أن يكون باطنا مخفيّا عن الناس.
وقوله: (إليه) متعلّق بـ «جلست» لتضمينه معنى توجّهت.
وقوله عليه السلام : (إن يكن الأمرُ على ما يقول هؤلاء) أي إن يكن الواقع على نحوٍ يقول هؤلاء من أنّ للعالم صانعا مدبّرا إلها، ولهم معادا وثوابا وعقابا، وغير ذلك من الاُمور الدينيّة.
وقوله عليه السلام : (وهو على ما يقولون) جملة حاليّة معترضة بين الشرط والجزاء، أي والحال أنّ الأمر والواقع على ما يقولون.
وقوله: (يعني أهل الطواف) الظاهر أنّه كلام ابن أبي العوجاء وهو لتفسير هؤلاء، و«عَطِبتم» على صيغة الفاعل من باب علم، أي هلكتم.
وقوله عليه السلام : (وإن يكن الأمر كما تقولون) من نفي الصانع والإله والمعاد والثواب والعقاب وسائر الأحكام الدينيّة (وليس الأمر كما تقولون) جملة حاليّة معترضة بين الشرط والجزاء،

1.في هامش النسخة: ماع السمن، أي ذاب (ص) [الصحاح، ج ۳، ص ۱۲۸۷ (ميع)].

2.الصحاح، ج ۳، ص ۱۸۴۶ (ويل).

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144502
صفحه از 739
پرینت  ارسال به