337
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

بلسانه، مقرّ بقلبه، ومكابر لمقتضى ۱ عقله ـ وهل هذا بالنسبة إلى بعضهم إلّا كالوسواس في النيّة؟ ـ بل نصب الدلائل الواضحة على وجوب أصل عبادته أيضا وجوبا عقليا، وأحال بيان كيفيّاتها وخصوصيّاتها على الرسول، ومن تلك ۲ الدلائل الواضحة الكاشفة عن وجوده تعالى ـ ببديهة العقل التي نسبتها إلى ظهور الصانع للفطرة الإنسانيّة وأوّل البصيرة كنسبة ضوء الشمس إلى ظهورها للمبصر ـ آثارُ قدرته الظاهرة لك في نفسك، وهي الأفعال الاختياريّة التي ليست من مقدوراتك بالبديهة، فكيف احتجب وخفي عن بديهة عقلك وفطرتك «من أراك قدرته» أي آثار قدرته «في نفسك» ودلالة الأثر على المؤثّر، والمصنوع على الصانع، كدلالة البناء على البنّاء، من أجلى البديهيّات، فلو رجعت إلى نفسك علمت أنّ لك صانعا بارئا بالضرورة، وهو إلهك.
وعدّد عليه السلام آثار القدرة التي في نفسه من الأفعال الاختياريّة التي ليست من مقدوراته بالضرورة، فقال: «نُشُوءَك بعد ما لم تكن» إلخ، يقال: نَشَأَ نَشْأً، أي حَيِيَ وَرَبا، يعني من تلك الآثار وجودك وحياتك بعد ما لم تكن موجودا وحيّا.
يقال: تأنّى في الأمر، أي تنظّر وترفّق. والاسم الأناة مثل قناة، وأصل الهمزة الواو من الوَني بمعنى الضعف والسكون.
وفي بعض النسخ بدل «أناتك وأناتك»: «إنابتك وإنابتك».
والمراد بالكراهة هنا النفرة؛ لأنّها مقابل للشهوة، والكراهة مقابل للإرادة. والرهبة: الخوف.
والخاطر من الخطور، وهو حصول الشيء مشعورا به في الذهن، والخاطر في الأصل للمشعور به الحاصل في الذهن، ثمّ شاع استعماله في المشعر المدرك له ۳ من حيث هو شاعر به، واستعمله هاهنا في الإدراك والشعور.

1.في النسخة: «لمقضي».

2.في النسخة: «ذلك».

3.أي للمشعور به.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
336

بخلقه غاية الظهور، لا بصيرورته محسوسا، بل بأيّ نحوٍ يمكن من نصب الدلائل الواضحة على وجوده قبل إرسال الرسل، ويدعوهم إلى عبادته بعد ظهوره لخلقه بنصب الدلائل وإن كانت تلك الدعوة بوساطة الرسل، أو معناه ويدعوهم إلى عبادته بنفسه بنصب الدلائل الواضحة على وجوب عبادته وإن كان نحو عبادته وكيفيّتها بتعليم معلّم.
والحاصل أنّه لو كان الأمر كما يقولون لوجب عليه أن يظهر على خلقه، ويدعوهم إلى عبادته في الجملة قبل إرسال الرسل بنصب الدلائل الواضحة حتّى يكون إرسال الرسول لتعليم خصوصيّات عبادته، وتبيينِ أحكامه وإعلام سائر الاُمور المخفيّة عن نظر العقل.
دليل الملازمة أنّ ذلك أمر ممكن مقدور يتوقّف عليه مطلوبه من معرفة العباد وسائر التكاليف الموقوفة عليها، وهو قادر على جميع الممكنات، ولا مانع له عن شيء من مقدوراته، فيجب عليه الإتيان بما يتوقّف عليه حصول مطلوبه. والتالي باطل، وإلّا فـ «لِمَ احتجب عنهم، وأرسل إليهم الرسل؟» أي لِمَ لم ينصب دليلاً على وجوده قبل إرسال الرسل، وإنّما احتجّ على وجوده بقول الرسل.
ولا يخفى أنّه دور ظاهر، ولو باشرهم بنفسه، ونصب لهم أدلّة على وجوده كان أقرب إلى الإيمان، فظهر بطلان المقدّم، فبناء شبهة الزنديق على أنّه زعم أنّ أهل الإسلام وسائر الأديان والملل إنّما استندوا في إثبات الصانع الأوّل الإله الحقّ بقول الرسول وليس لهم دليل عقلي قبل إرسال الرسل على وجوده تعالى، فحكم ببطلان ذلك؛ للزوم الدور الظاهر.
وحاصل جواب الإمام عليه السلام منع بطلان التالي، وبيان وقوعه بأنّه تعالى قد نصب الدلائل الواضحة، والبراهين الظاهرة القاطعة التي لا تعدّ ولا تحصى في نفس كلّ فرد من أفراد الإنسان فضلاً عمّا هو خارج عنها على وجوده وثبوته بحيث صار الحكم لوجود الصانع المدبّر للعالم الإله الحقّ بديهيّا، والمسألة لا تقبل النزاع والخلاف، والمنازع مخالف

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126342
صفحه از 739
پرینت  ارسال به