347
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

محال كما مرّ آنفا.
والسادس: أنّ صانع الشخص الإنساني على ما فيه ـ من لطائف الصنع وكمال الانتظام والإحكام والإتقان، كما يشهد عليه علم التشريح ـ عالمٌ قادر بحكم الضرورة.
والسابع ـ محاذيا لما قرّره بعض العلماء ـ : ۱ أنّ صانع الشخص الإنساني وأعضائه على صورها وأشكالها يجب أن يكون قادرا مختارا؛ إذ لو كان طبيعة النطفة ۲ أمرا خارجا موجبا، لزم أن يكون الحيوان على شكل الكرة إن كانت النطفة بسيطة؛ لأنّ ذلك مقتضى الطبيعة، ونسبة الموجب إلى أجزاء البسيط على السويّة، وعلى شكل كرات مضمومة بعضها إلى البعض إن كانت النطفة مركّبة من البسائط بمثل ما ذكر ۳ .
وأمّا دلالتها على إرادته فغنيّ عن البيان؛ لأنّ القادر المختار لا يفعل بقدرته واختياره إلّا بالإرادة المرجّحة لأحد طرفي المقدور على الآخر بالضرورة، قال في شرح المقاصد:
اتّفق المتكلّمون والحكماء وجميع الفِرق على إطلاق القول بأنّه مريد، وشاع ذلك في كلام اللّه تعالى وكلام الأنبياء، ودلّ عليه ما ثبت من كونه تعالى فاعلاً بالاختيار؛ لأنّ معناه القصد والإرادة مع ملاحظة ما للطرف الآخر، فكأنّ المختار ينظر إلى الطرفين ويميل إلى أحدهما، والمريد ينظر إلى الطرف الذي يريده ۴ . انتهى.
وقد يقال ۵ في إثباتها: إنّ تخصيص بعض الممكنات بالوقوع دون البعض في بعض الأوقات دون البعض مع استواء نسبة الذات إلى الكلّ لا بدّ أن يكون لصفة شأنها التخصيص؛ لامتناع التخصيص بلا مخصّص، وامتناع احتياج الواجب في فاعليّته إلى أمر منفصل، وتلك الصفة هي المسمّاة بالإرادة ۶ ، هذا.
اعلم أنّ الحقّ أنّ الصفات الكماليّة الحقيقيّة ـ كالقدرة والإرادة وغيرهما ـ عين ذاته

1.المراد به التفتازاني.

2.في النسخة: + «أو».

3.شرح المقاصد، ج ۲، ص ۸۲.

4.شرح المقاصد، ج ۲، ص ۹۴.

5.قاله التفتازاني.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
346

لا يقال: لِمَ لا يجوز أن يكون كلّ جزء من أجزائه مصنوعا لصانع آخر، وصانع الكلّ يأخذ تلك الأجزاء، وينظّمها ويربط بعضها ببعض، بوجهٍ ينتفع بعضها من بعض كصانع البيت؟
لأنّا نقول: تلك الأجزاء مخلوقة بالربط والتعلّق، وبالجملة بوجه لا يحصل الانتفاع منها إلّا بخلقها كأعضاء الإنسان، لا أنّ الانتفاع يعرضها بعد الخلق كأجزاء البيت، ولهذا يتأثّر بعضها عن بعض بخلاف أجزاء البيت؛ فتأمّل. انتهى كلامه.
والثاني: أنّ صانع العالم ـ الذي قد نبّه عليه السلام على وجوده بهذه الأفعال ـ قديم لا محالة؛ لأنّه لو كان حادثا فيحتاج إلى صانع آخر، والكلام في صانع الكلّ، وأيضا يلزم أن يكون من العالم فلا يكون صانعا له، وأيضا قد أشار إليه بأنّه واجب الوجود بالذات كما مرّ بيانه، وهو قديم بالضرورة. وأثر الموجب القديم لا يمكن أن يكون حادثا، سواء كان ذلك الحادث مستندا إليه بلا واسطة أو بالواسطة، وإلّا لزم تخلّف المعلول عن العلّة التامّة، أو التسلسل، سواء كان في الاُمور المجتمعة في الوجود، أو المتعاقبة. والحقّ أنّه بكلا القسمين محال كما بيّن في موضعه، وسيجيء بيانه إن شاء اللّه تعالى.
والقولُ بتوسّط القديم القادر المختار الممكن بين صانع العالم الموجب، أو الواجب الموجب، وبين الحوادث قولٌ بتفضيل المخلوق على الخالق، وهو خلاف الضرورة، مع أنّه لم يذهب ذاهب إليه.
والثالث: أنّ العالم بجميع أجزائه ـ كوجود المخاطب وسائر أحواله المذكورة ـ حادث كما ثبت في موضعه، والواسطة غير معقولة، فلا يمكن أن يكون صانعه القديم موجَبا. وهذا إنّما يتمّ في هذا المقام إذا كان المخاطب قائلاً بحدوث العالم.
والرابع: أنّ هذه أفعال مختلفة متقابلة، وأثر الموجب لا يمكن أن يكون كذلك.
والخامس: أنّ هذه الأفعال اُمور زائلة غير باقية أبدا، وأثر الموجب القديم لا يمكن أن يكون كذلك، وإلّا لزم تخلّف المعلول عن تمام علّته، أو التسلسل، أو التوسّط، والكلّ

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 142823
صفحه از 739
پرینت  ارسال به