تقول: المؤلَّف مؤلِّف، بل ذو مؤلِّف، فالمؤلَّف علّة لوجود ذي المؤلِّف للجسم وإن كان جزء من ذي المؤلِّف ـ وهو المؤلِّف ـ علّة للمؤلَّف، فيكون اليقين حاصلاً من جهة العلّة. انتهى.
ومن حيث إنّه استدلال بالممكن، أو الحادث على وجود الواجب لا على كونهما ذا علّة وصانع واجب الوجود بالذات برهان إنّي، وليس استدلالاً بالعلّة على المعلول، كما أنّ القسم الثاني أيضا ليس استدلالاً بالعلّة على المعلول؛ لأنّه ليس لوجوده تعالى علّة حتّى يتصوّر الاستدلال بعلّته على وجوده تعالى عن ذلك علوّا كبيرا، فتخصيص تسمية القسم الأوّل بالبرهان الإنّي، والقسم الثاني بالبرهان اللمّي تحكّمٌ بحتٌ. ومجرّدُ أنّ القسم الثاني ليس استدلالاً بالمعلول على العلّة على تقدير تسليمه لا يوجب أن يكون برهان «لم» ولا يخرج عن حدّ برهان الإنّ؛ لما عرفت من أنّ برهان الإنّ أعمّ من ذلك، فإنّه ما عدا برهان اللمّ.
ومن جملة أقسامه ما ذكره الشيخ في الشفاء حيث قال:
الشيء إذا كان له سبب لم يتيقّن إلّا من سببه فإن كان الأكبر للأصغر لا بسبب بل لذاته لكنّه ليس بيّن الوجود له والأوسط كذلك للأصغر إلّا أنّه بيّن الوجود للأصغر ثمّ الأكبر بيّن الوجود للأوسط فينعقد برهان يقيني، ويكون برهان «إنّ» وليس برهان «لم». انتهى كلامه.
ولا يذهب عليك أنّ أقصى البراهين التي ادّعوا أنّها لمّيّة على هذا المقصد لا يتجاوز عن هذه المرتبة وهي من مراتب الإنّي، فظهر أنّ تسمية القسم الأوّل باللمّي والثاني بالإنّي على عكس ما هو المشهور أولى.
اللّهمّ إلّا أن يكون مرادهم بالإنّي الاستدلال بالمعلول على العلّة واللمّ ما عدا ذلك، وهذا اصطلاح آخر لا مشاحّة فيه ولا يضرّنا؛ لأنّ مقصودنا أنّه ليس شيء منها في إثبات وجود الواجب استدلالاً بالعلّة على المعلول سواء سمّيت باللمّ أو الإنّ.
وإن كان الاستدلال على كون الممكن، أو الحادث ذا علّة واجبة الوجود استدلالاً بالعلّة