ويفزعون إليه بالرغبة والدعاء والتضرّع في كلّ المواضع، حتّى الحيوان أيضا قد قيل: إنّها في سِني الجَدْب ترفع رؤوسها إلى السماء تطلب ۱ الغيث.
وأمّا معرفة الخصوص وهو الوصف بالتحميد والتنزيه وهي التي بطريق البرهان ۲ ويختصّ بها فضلاء الناس، وهم الأنبياء والأولياء والحكماء والأخيار والأتقياء والأبرار ۳ . انتهى.
قال الإمام الرازي في المطالب العالية:
رأيت في بعض الكتب أنّ في بعض الأوقات اشتدّ القحط وعظم حرّ الصيف، والناس خرجوا إلى الاستسقاء في المرآة: كالاستقساء فما أفلحوا، قال: فخرجت إلى بعض الجبال فرأيت ظبية جاءت إلى موضع كان في الماضي من الزمان مملوءً من الماء، ولعلّ تلك الظبية كانت ۴ تشرب منه، فلمّا وصلت الظبية إليه ما وجدت فيه شيئا من الماء، وكان أثر العطش الشديد ظاهرا على تلك الظبية، فوقفت وحرّكت في المرآة: رفعت رأسها إلى جانب السماء مرارا، فأطبق الغيم، وجاء الغيث الكثير، وملأت الغدير، ۵ فشربت الماء وذهبت ۶ . انتهى.
وروي أنّ واحدا من الصيّادين قال: إنّي وجدت بقر وحش معه عِجْل صغير يشرب اللبن من ثديه، فعدوت إليه فهرب البقر وأبقى العجل فأخذته، ولمّا انقلب البقر ورأى عِجْله بيدي اضطرب، وأقبل إلى السماء كأنّه يتضرّع ويتوسّل ويسأل ويدعو، فوقع في مسيري حفرة فسقطت وخلص العِجْل وعادت اُمّه وذهبت به. انتهى.
1.في النسخة: «يرفع... يطلب»، والمثبت من مرآة العقول، ج ۱، ص ۲۷۸ ـ ۲۷۹.
2.في المصدر: «فهي بالوصف له والتجريد والتنزيه والتوحيد، وهي التي بطرق البرهان».
3.رسائل إخوان الصفا، ج ۳، ص ۲۳۳ ، في الرسالة الرابعة من النفسانيّات العقليّات في العقل والمعقول.
4.في النسخة: «كان».
5.في المرآة: «فأطبق الغيم و نزلت الأمطار الغزيرة حتّى ملأت الغدير».
6.لم أعثر عليه في المطالب العالية . و نقله عنه أيضا في مرآة العقول، ج ۱، ص ۲۷۹ ، والظاهر نقله عن شرحنا هذا.