وعلى هذا يكون معنى الآية الكريمة أنّه لو كان فيهما آلهة إلّا اللّه فيتعدّد الإله المؤثّر فيهما لفسدَتا، أي لخرجتا عن هذا النظام الوحداني وذلك ۱ الارتباط والائتلاف الطبيعي، واختلّ انتظامهما وبطل اتّساقهما. ولا يتوهّم [أنّها ]آية إقناعي؛ إذ الفطرة السليمة تشهد بأنّ الاُمور ۲ المرتبطة المتّسقة المنتظمة المترتّبة على تعانقها وارتباطها وانتظامها فوائد بوجه كأنّها أمر واحد لا يكون إلّا فعلاً لفاعل واحد. قال أبو الحسن العامري في بعض رسائله:
ثمّ قالوا لولا ارتباط بعض الموجودات بالبعض على الوصف الحقيقي والنظم الحِكمي، لما دلّت الجبلّة على أنّ مبدعها واحد محض، فحالها في ارتباطها إذا قربته الشبه ۳ من حال الثورين المضمومين للفَدّان ۴ وتمسّكه في تكريب ۵ المزارع ۶
. انتهى.
وممّا ذكرنا ظهر وتبيّن أنّ صانع العالم ومبدعه لغايته بهداية المكوّنات أوجد الموجودات المتكثّرة مع تخالفها وتباينها على وجه ونحو يشهد كلّ فطرة سليمة على وحدة صانعها ومبدعها ومدبّرها.
وفي كلّ شيء له آيةٌتدلّ على أنّه واحد۷
ومنها ۸ : ما هو المشهور ببرهان التمانع، تقريره أنّه لو وجد إلهان بصفات الاُلوهيّة فإذا أراد أحدهما أمرا كحركة جسم مثلاً فإمّا أن يتمكّن الآخر من إرادة ضدّه، أو لا، وكلاهما محال.
1.في النسخة: «تلك».
2.كذا. ولعلّ الصواب : «للاُمور».
3.كذا.
4.في هامش النسخة: الفَدّانُ: آلة الثَوْرَيْنِ للحرث (ص) [الصحاح، ج ۴، ص ۲۱۷۶ (فدن)].
5.في هامش النسخة: الكَرْب: قلب الأرض بالحرث (ص) [الصحاح، ج ۱، ص ۲۱۱ (كرب)].
6.لم أعثر عليه في بعض رسائله المطبوعة.
7.البيت لأبي العتاهية كما في ديوانه، ص ۱۲۲ . وورد في ترجمته من الأغاني، ج ۴، ص ۳۵؛ وتاريخ بغداد، ج ۶، ص ۲۵۳.
8.هذا الوجه ذكره التفتازاني.