وأمّا الثاني، فلاستلزامه اجتماع النقيضين.
وأمّا الثالث، فلاستلزامه ارتفاع النقيضين؛ فإنّ منع استلزامه إمكان التخالف؛ لجواز أن يكونا متّفقين ۱ في الإرادة بحيث يستحيل اختلافهما إمّا لأنّ مقتضاهما إيجاد الخير، أو [إيجاد] ما الغالب فيه الخير، وإمّا لأنّ ذاتهما تقتضي الاتّفاق.
فالجواب أنّه لا يخلو [إمّا] أن يكون قدرة كلّ واحد منهما وإرادته كافية في وجود العالم، أو لا شيء منهما كافٍ ۲ ، أو أحدهما كافٍ ۳ فقط، فعلى الأوّل يلزم اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول ۴ ، وعلى الثاني يلزم عجزهما؛ لأنّهما لا يمكن لهما التأثير إلّا باشتراك الآخر، وعلى الثالث لا يكون الآخر خالقا، فلا يكون إلها «أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ»۵ .
لا يقال: إنّما يلزم العجز إذا انتفى ۶ القدرة على الإيجاد بالاستقلال، أمّا إذا كان كلّ منهما قادرا على الإيجاد بالاستقلال ولكن يتّفقا على الإيجاد بالاشتراك، فلا يلزم العجز، كما أنّ القادرين على حمل خشبة بالانفراد قد يشتركان في حملها، وذلك لا يستلزم عجزهما؛ لأنّ إرادتهما تعلّقت بالاشتراك، وإنّما يلزم العجز لو أرادا ۷ الاستقلال ولم يحصل.
لأنّا نقول: تعلّق إرادة كلّ واحد منهما إن كان كافيا، لزم المحذور الأوّل، وإن لم يكن كافيا، لزم المحذور الثاني، والملازمتان بيّنتان لا يقبل ۸ المنع. وما أوردتم من المثال في سند المنع لا يصلح للسنديّة؛ إذ في هذه الصورة ينقّص [ميل] ۹ كلّ منهما من
1.في المصدر: «متوافقان»، والصواب: «متوافقين».
2.في المصدر: «كافية».
3.في المصدر: «أو إحداهما كافية».
4.في المصدر: «معلول واحد».
5.النحل (۱۶): ۱۷.
6.في نقل البحار: «انتفت».
7.في النسخة والمصدر: «أراد».
8.كذا. وفي المصدر والبحار: «لا تقبلان».
9.في نقل البحار: «الميل».