375
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

وأمّا الثاني، فلاستلزامه اجتماع النقيضين.
وأمّا الثالث، فلاستلزامه ارتفاع النقيضين؛ فإنّ منع استلزامه إمكان التخالف؛ لجواز أن يكونا متّفقين ۱ في الإرادة بحيث يستحيل اختلافهما إمّا لأنّ مقتضاهما إيجاد الخير، أو [إيجاد] ما الغالب فيه الخير، وإمّا لأنّ ذاتهما تقتضي الاتّفاق.
فالجواب أنّه لا يخلو [إمّا] أن يكون قدرة كلّ واحد منهما وإرادته كافية في وجود العالم، أو لا شيء منهما كافٍ ۲ ، أو أحدهما كافٍ ۳ فقط، فعلى الأوّل يلزم اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول ۴ ، وعلى الثاني يلزم عجزهما؛ لأنّهما لا يمكن لهما التأثير إلّا باشتراك الآخر، وعلى الثالث لا يكون الآخر خالقا، فلا يكون إلها «أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ»۵ .
لا يقال: إنّما يلزم العجز إذا انتفى ۶ القدرة على الإيجاد بالاستقلال، أمّا إذا كان كلّ منهما قادرا على الإيجاد بالاستقلال ولكن يتّفقا على الإيجاد بالاشتراك، فلا يلزم العجز، كما أنّ القادرين على حمل خشبة بالانفراد قد يشتركان في حملها، وذلك لا يستلزم عجزهما؛ لأنّ إرادتهما تعلّقت بالاشتراك، وإنّما يلزم العجز لو أرادا ۷ الاستقلال ولم يحصل.
لأنّا نقول: تعلّق إرادة كلّ واحد منهما إن كان كافيا، لزم المحذور الأوّل، وإن لم يكن كافيا، لزم المحذور الثاني، والملازمتان بيّنتان لا يقبل ۸ المنع. وما أوردتم من المثال في سند المنع لا يصلح للسنديّة؛ إذ في هذه الصورة ينقّص [ميل] ۹ كلّ منهما من

1.في المصدر: «متوافقان»، والصواب: «متوافقين».

2.في المصدر: «كافية».

3.في المصدر: «أو إحداهما كافية».

4.في المصدر: «معلول واحد».

5.النحل (۱۶): ۱۷.

6.في نقل البحار: «انتفت».

7.في النسخة والمصدر: «أراد».

8.كذا. وفي المصدر والبحار: «لا تقبلان».

9.في نقل البحار: «الميل».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
374

أمّا الأوّل، فلأنّه لو فرض تعلّق إرادته بذلك الضدّ فإمّا أن يقع مرادهما، وهو محال؛ لاستلزامه اجتماع الضدّين، أو لا يقع مراد واحد منهما، وهو محال؛ لاستلزامه عجز الإلهين الموصوفين بكمال القدرة على ما هو المفروض، ولاستلزامه ارتفاع الضدّين المفروض امتناع خلوّ المحلّ عنهما كحركة الجسم وسكونه في زمان معيّن، أو يقع مراد أحدهما دون الآخر، وهو محال؛ لاستلزامه الترجّح بلا مرجّح، وعجز من فرض قادرا؛ حيث لم يقع مراده.
وأمّا ثانيا ۱ ، فلأنّه يستلزم عجز الآخر؛ حيث لم يقدر على ما هو ممكن في نفسه، أعني إرادة الضدّ ۲ .
وقد يقال ۳ : قوله تعالى: «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلّا اللّه لَفَسَدَتا»۴ إشارة إلى هذا، تقريره أنّه لو تعدّد الإله لكان بينهما التنازع، وتميز صنع كلّ عن صنع الآخر بحكم اللزوم العادي، فلم يحصل بين أجزاء العالم هذا الالتئام ۵ ، ويختلّ الانتظام الذي به بقاء الأنواع وثبوت الآثار ۶ .
قال العلّامة الدواني في شرحه للعقائد العضديّة:
قد قيل: إنّه دليل إقناعي؛ لجواز أن يتّفقا فلا يلزم الفساد. ويمكن أن يقال: إنّ التعدّد يستلزم إمكان التخالف، وعلى تقدير التخالف إمّا أن يحصل مراد أحدهما، أو كليهما، أو لا يحصل شيء منهما، والكلّ محال.
أمّا الأوّل، فلاستلزامه كون الآخر عاجزا فلا يكون خالقا وقد فرض [كونه خالقا ]هذا خلف.

1.في شرح المقاصد: «الثاني».

2.شرح المقاصد، ج ۲، ص ۶۲.

3.قاله التفتازاني في شرح المقاصد، ج ۲، ص ۶۳ . وفيه: «وإن اُريد بالفساد [في الآية ]والخروج عمّا هما عليه من النظام ، فتقريره أنّه لو تعدّد الإله...».

4.الأنبياء (۲۱): ۲۲.

5.في شرح المقاصد: «الالتئام الذي باعتباره صار الكلّ بمنزلة شخص واحد».

6.في شرح المقاصد: «ترتّب الآثار».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 145461
صفحه از 739
پرینت  ارسال به