377
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

القدر المشترك، فيلزم أن يكون الواحد بالعموم علّة للواحد بالعدد، وهو ممتنع محال، وقد صرّح المحقّق الدواني بذلك في حواشيه على التجريد.
لكن بقي بعدُ نظرُ دقيق لا يندفع بما غيّر من التوجيه وهو أن يقال: إنّا نختار أنّ قدرة كلّ منهما وإرادته غير كافية في وجود هذا العالم بعينه وشخصه، بل قدرة واحد منهما وإرادته كافية فيه، ولا يلزم عجز الآخر إلّا إذا لم يكن الآخر قادرا على إيجاد مثل هذا العالم، ولا يلزم من عدم قدرته على إيجاد عينه عجزُه عن إيجاد مثله، فإنّ كونَ أحد القادرين قادرا على إيجاد عين أثر الآخر ممتنعٌ محال، ولا يلزم من كون كلّ منهما قادرا على إيجاد مثل هذا العالم اجتماعُ المؤثّرين التامّين على معلول واحد شخصي، بل إنّما جواز اجتماعهما على معلول واحد نوعي، ولا محذور فيه على ما هو المشهور.
والحاصل أنّه لو كان هذا العالم بعينه أثر الواحد منهما، ويكون الآخر قادرا على إيجاد مثله لا عينه، لا يلزم عجز الآخر، ولا اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول واحد شخصي.
فإن قيل: إذا كان العالم أثرا لأحدهما ولا يكون للآخر أثر، لم يكن إلها للعالم؛ إذ المراد بالإله هو الخالق للعالم، والمطلوب هاهنا نفي تعدّد الإله الخالق للعالم لا نفي تعدّد الواجب بالذات. ويلزم من ذلك نفي تعدّد الإله ولا محذور فيه لو لم يلزم منه مطلب آخر.
قلنا: لِمَ لا يجوز أن يكون أحدهما خالقا لبعض أجزاء العالم، والآخر خالقا لبعض آخر، ويكون كلّ منهما قادرا على مثل فعل الآخر لا على عينه، فلا يلزم عجز أحدهما، ولا اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول واحد شخصي، ولا عدم كون أحدهما إلها خالقا كما لا يخفى؟ وحينئذٍ يرد على ما قرّر من التوجيه أيضا أنّ قدرة كلّ منهما وتعلّق إرادته غير كافية في وجود ما تعلّق به إرادة الآخر وقدرته بعينه وشخصه، ولا يلزم عجز أحدهما إلّا إذا لم يكن الآخر قادرا على مثل ما أوجده الآخر وهو ممنوع، بل كون أحد القادرين قادرا على عين فعل الآخر وشخصه أمر محال؛ لأنّ المشخّص على ما هو التحقيق إنّما هو نشأة الوجود، ولا ريب أنّ نشأة وجود الصادر من «أ» مثلاً مغايرة لنشأة وجود الصادر من «ب»


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
376

الميل الذي يستقلّ به في الحمل قدرَ ما يتمّ بالميل ۱ الصادر ۲ عن الآخر حتّى ينقل الخشبة بمجموع الميلين، وليس واحد منهما بهذا القدر من الميل فاعلاً مستقلّاً، وفي مبحثنا هذا ليس المؤثّر إلّا تعلّق الإرادة والقدرة، ولا يتصوّر الزيادة والنقصان في شيء منهما. وهذا وجه متين من سوانح الوقت لا يبقى فيه للمنصف ريبة؛ واللّه ولي التوفيق ۳ .
هذا ما أفاده وفيه نظر؛ لأنّه لا يلزم من كفاية مجرّد القدرة والإرادة من كليهما في وجود العالم اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول واحد، وإنّما يلزم هذا [فيما] ۴ تعلّق مع ذلك إرادة كلّ منهما بوجود العالم بتمامه وهو ظاهر، ولعلّه لا يتعلّق إرادة كلّ منهما بوجود ما تعلّق به إرادة الآخر، بل إنّما يتعلّق إرادة أحدهما بوجود بعض من أجزاء العالم مغاير لما تعلّق به إرادة الآخر، فلا يلزم اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول واحد، ولا عجز أحدهما، ولا عدم كونهما خالقين ۵ ، نعم لو تعلّق إرادة كلّ منهما بوجود العالم بتمامه كان كافيا، لكن لا يتعلّق إرادة كليهما به، فلا يلزم اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول واحد بالفعل أصلاً.
فإن قيل: يجوز أن يتعلّق إرادة كليهما بوجود تمام العالم عاد المنع بعينه؛ فتأمّل.
فالأولى أن يوجّه الدليل بأنّه لا يخلو أن يكون قدرة كلّ واحد منهما وتعلّق إرادته كافية في وجود العالم، أو لا شيء منهما بكافٍ، أو أحدهما كافٍ فقط، فعلى الثاني والثالث يلزم عجزهما، أو عجز أحدهما وعدم كونه خالقا، وعلى الأوّل يلزم استناد العالم إلى ما لا يتوقّف عليه وجوده بخصوصه، لكنّ الحقّ أنّ المعلول لا يستند إلّا إلى ما يتوقّف عليه بخصوصه؛ إذ لو أمكن كون أحد الأمرين أو الاُمور كافيا في وجوده، كان العلّة بالحقيقة هو

1.في نقل البحار: «الميل».

2.في المصدر: + «من الصادر».

3.شرح العقائد العضديّة، ص ۹۴ (مصحّحة بعض الأصدقاء) ، وما بين المعاقيف منه. و عنه في بحار الأنوار، ج ۳، ص ۲۳۳.

4.بدل ما بين المعقوفين في النسخة كلمة لا تقرأ.

5.في النسخة: «خالقا».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144781
صفحه از 739
پرینت  ارسال به