القدر المشترك، فيلزم أن يكون الواحد بالعموم علّة للواحد بالعدد، وهو ممتنع محال، وقد صرّح المحقّق الدواني بذلك في حواشيه على التجريد.
لكن بقي بعدُ نظرُ دقيق لا يندفع بما غيّر من التوجيه وهو أن يقال: إنّا نختار أنّ قدرة كلّ منهما وإرادته غير كافية في وجود هذا العالم بعينه وشخصه، بل قدرة واحد منهما وإرادته كافية فيه، ولا يلزم عجز الآخر إلّا إذا لم يكن الآخر قادرا على إيجاد مثل هذا العالم، ولا يلزم من عدم قدرته على إيجاد عينه عجزُه عن إيجاد مثله، فإنّ كونَ أحد القادرين قادرا على إيجاد عين أثر الآخر ممتنعٌ محال، ولا يلزم من كون كلّ منهما قادرا على إيجاد مثل هذا العالم اجتماعُ المؤثّرين التامّين على معلول واحد شخصي، بل إنّما جواز اجتماعهما على معلول واحد نوعي، ولا محذور فيه على ما هو المشهور.
والحاصل أنّه لو كان هذا العالم بعينه أثر الواحد منهما، ويكون الآخر قادرا على إيجاد مثله لا عينه، لا يلزم عجز الآخر، ولا اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول واحد شخصي.
فإن قيل: إذا كان العالم أثرا لأحدهما ولا يكون للآخر أثر، لم يكن إلها للعالم؛ إذ المراد بالإله هو الخالق للعالم، والمطلوب هاهنا نفي تعدّد الإله الخالق للعالم لا نفي تعدّد الواجب بالذات. ويلزم من ذلك نفي تعدّد الإله ولا محذور فيه لو لم يلزم منه مطلب آخر.
قلنا: لِمَ لا يجوز أن يكون أحدهما خالقا لبعض أجزاء العالم، والآخر خالقا لبعض آخر، ويكون كلّ منهما قادرا على مثل فعل الآخر لا على عينه، فلا يلزم عجز أحدهما، ولا اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول واحد شخصي، ولا عدم كون أحدهما إلها خالقا كما لا يخفى؟ وحينئذٍ يرد على ما قرّر من التوجيه أيضا أنّ قدرة كلّ منهما وتعلّق إرادته غير كافية في وجود ما تعلّق به إرادة الآخر وقدرته بعينه وشخصه، ولا يلزم عجز أحدهما إلّا إذا لم يكن الآخر قادرا على مثل ما أوجده الآخر وهو ممنوع، بل كون أحد القادرين قادرا على عين فعل الآخر وشخصه أمر محال؛ لأنّ المشخّص على ما هو التحقيق إنّما هو نشأة الوجود، ولا ريب أنّ نشأة وجود الصادر من «أ» مثلاً مغايرة لنشأة وجود الصادر من «ب»