لا محالة بصفات الاُلوهيّة من كمال القدرة والعلم والإرادة وغير ذلك، فلا يخلو من أنّ التخالف بينهما ممكن أو ممتنع، وعلى الأوّل إذا أراد أحدهما شيئا، والآخر نقيضه كوجود زيد وعدمه، فإمّا أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر، فيلزم الترجّحُ بلا مرجّح، أو عجزُ الآخر، فلا يكون إلها قادرا على جميع الممكنات، وإمّا أن يحصل مراد كليهما، أو لا يحصل مراد شيء منهما، وهما محالان؛ لاستحالة اجتماع النقيضين وارتفاعهما، مع أنّ الأخير يوجب عجزهما معا.
وعلى الثاني فإمّا أن يكون قدرة كلّ واحد منهما وتعلّق إرادته كافية في وجود العالم، أو لم يكن شيء منهما بكافٍ، أو أحدهما كافٍ فقط، وعلى الأوّل فإمّا أن تعلّق إرادة كلّ منهما بوجود العالم بتمامه، أو تعلّق إرادة كلّ منهما ببعض منه مغاير لما تعلّق به إرادة الآخر، وعلى التقديرين يلزم استناد العالم إلى ما لا يتوقّف عليه وجوده بخصوصه، لكنّ الحقّ أنّ المعلول لا يستند إلّا إلى ما يتوقّف عليه بخصوصه؛ إذ لو أمكن كون أحد الأمرين، أو الاُمور كافيا في وجوده، كان العلّة بالحقيقة هو القدر المشترك، فيلزم أن يكون الواحد بالعموم علّة للواحد بالعدد وهو محال، على أنّ على التقدير الأوّل يلزم فساد آخر وهو اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول واحد شخصي، وعلى الثاني وهو أنّ قدرة كلّ منهما وتعلّق إرادته غير كافية في وجود تمام العالم، بل كلّ منهما إنّما يقدر على إيجاد بعض من العالم، ولا يقدر على إيجاد ما تعلّق بوجوده إرادة الآخر وقدرته بعينه وشخصه؛ لاستحالة كون أحد القادرين قادرا على عين فعل الآخر وشخصه، وحينئذٍ فلا يخلو إمّا أن يكون كلّاً منهما قادرا على مثل فعل الآخر أو لا، وعلى الثاني لزوم عجزهما ظاهر، وعلى الأوّل فلا شكّ في أنّ كلاًّ ۱ منهما لا يقدر على إيجاد مثل فعل الآخر في محلّه الذي فعله الأوّل فيه حين وجوده فيه، كإيجاد مثل هذه الأرض في هذا المكان مع وجوده فيه؛ لاستحالة اجتماع المثلين في محلّ واحد وإن