379
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

لا محالة بصفات الاُلوهيّة من كمال القدرة والعلم والإرادة وغير ذلك، فلا يخلو من أنّ التخالف بينهما ممكن أو ممتنع، وعلى الأوّل إذا أراد أحدهما شيئا، والآخر نقيضه كوجود زيد وعدمه، فإمّا أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر، فيلزم الترجّحُ بلا مرجّح، أو عجزُ الآخر، فلا يكون إلها قادرا على جميع الممكنات، وإمّا أن يحصل مراد كليهما، أو لا يحصل مراد شيء منهما، وهما محالان؛ لاستحالة اجتماع النقيضين وارتفاعهما، مع أنّ الأخير يوجب عجزهما معا.
وعلى الثاني فإمّا أن يكون قدرة كلّ واحد منهما وتعلّق إرادته كافية في وجود العالم، أو لم يكن شيء منهما بكافٍ، أو أحدهما كافٍ فقط، وعلى الأوّل فإمّا أن تعلّق إرادة كلّ منهما بوجود العالم بتمامه، أو تعلّق إرادة كلّ منهما ببعض منه مغاير لما تعلّق به إرادة الآخر، وعلى التقديرين يلزم استناد العالم إلى ما لا يتوقّف عليه وجوده بخصوصه، لكنّ الحقّ أنّ المعلول لا يستند إلّا إلى ما يتوقّف عليه بخصوصه؛ إذ لو أمكن كون أحد الأمرين، أو الاُمور كافيا في وجوده، كان العلّة بالحقيقة هو القدر المشترك، فيلزم أن يكون الواحد بالعموم علّة للواحد بالعدد وهو محال، على أنّ على التقدير الأوّل يلزم فساد آخر وهو اجتماع المؤثّرين التامّين على معلول واحد شخصي، وعلى الثاني وهو أنّ قدرة كلّ منهما وتعلّق إرادته غير كافية في وجود تمام العالم، بل كلّ منهما إنّما يقدر على إيجاد بعض من العالم، ولا يقدر على إيجاد ما تعلّق بوجوده إرادة الآخر وقدرته بعينه وشخصه؛ لاستحالة كون أحد القادرين قادرا على عين فعل الآخر وشخصه، وحينئذٍ فلا يخلو إمّا أن يكون كلّاً منهما قادرا على مثل فعل الآخر أو لا، وعلى الثاني لزوم عجزهما ظاهر، وعلى الأوّل فلا شكّ في أنّ كلاًّ ۱ منهما لا يقدر على إيجاد مثل فعل الآخر في محلّه الذي فعله الأوّل فيه حين وجوده فيه، كإيجاد مثل هذه الأرض في هذا المكان مع وجوده فيه؛ لاستحالة اجتماع المثلين في محلّ واحد وإن

1.في النسخة: «كلّ».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
378

وإن فرض اتّحاد الصادرين في تمام الحقيقة وفي جميع المشخّصات المشهودة (ظ)، فلا يتصوّر أن يكون الصادر عن «أ» بعينه صادرا عن «ب» أصلاً.
أقول: يمكن دفع هذا بأن يقال: إذا أوجد أحدهما بعض العالم، فلا شكّ في أنّ الآخر لا يتمكّن من إيجاد مثل ذلك البعض في محلّه؛ لاستحالة اجتماع المثلين في محلّ واحد، وذلك إنّما نشأ من إيجاد الأوّل البعض الذي أوجده في محلّه، فهو عجز ناشٍ من فعل الأوّل. وتمكّنه من إيجاد مثل ذلك البعض في محلّه بدلاً عنه لا يغني؛ لأنّه بسبب وجود ذلك البعض الذي أوجده الأوّل في محلّه ممنوع بالفعل عن إيجاد مثله في محلّه، ولا شكّ في أنّ هذا عجز بتعجيز الأوّل إيّاه عن خلق مثله في محلّه بالفعل، وهذا منافٍ للإلهيّة.
وكذا الحال في إيجاد الثاني البعض الآخر؛ فإنّه أيضا يوجب عدم تمكّن الأوّل من إيجاد مثل البعض الثاني في محلّه، فهو عجز ناشٍ من فعل الثاني، فيلزم عجز الإلهين بتعجيز كلّ واحد منهما صاحبه. وتمكّن كلّ واحد من مثل فعل الآخر في محلّ آخر في عالم آخر لا ينفع؛ لأنّ عجز كلّ واحد عن إيجاد مثل فعل الآخر في هذا العالم بتعجيز كلّ منهما صاحبه كافٍ في المطلوب. على أنّه يوجب بخلهما وخسّتهما وسدّ أبواب كثير من فيضهما؛ لأنّ ۱ كلّاً منهما حينئذٍ متمكّن من إيجاد عالم بتمامه، فشركتهما في عالم واحد وعدم تفرّد كلّ منهما بخلق عالم مع تمكّنهما من ذلك خسّة ونقص ينافي الإلهيّة إذا لم يكن إيجادهما معا في العالمين منافٍ ۲ للحكمة والمصلحة، وإذا كان كذلك فإيجاد أحدهما ـ وهو الذي قد وقع ـ منافٍ لحكمة إيجاد الآخر ومصلحته، وهو الذي لم يقع، فَفِعْلُ فاعل ذلك المثل مانعٌ عن فعل فاعل المثل الآخر، فيلزم عجز الثاني عن فعله بتعجيز الأوّل إيّاه، وكذا عجز الأوّل بالقياس إلى مثل الفعل الواقع من الثاني بتعجيز الثاني إيّاه.
فأقول في تقريره على وجه لا يرد عليه شيء أصلاً ۳ : إنّه لو وجد صانعان إلهان ويتّصفان

1.في النسخة: «كلّ».

2.كذا، لعلّ الصواب : «منافيا».

3.سيأتي أيضا تفرّده بتقرير برهان التمانع في ص ۴۶۴.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144700
صفحه از 739
پرینت  ارسال به