381
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

وغيرها، فإذا قصدا إلى إيجاد مقدور معيّن كحركة جسم معيّن في زمان معيّن فوقوعه إمّا أن يكون بهما، فيلزم مقدور بين قادرين مستقلّين، بمعنى استقلال كلّ منهما بإيجاده، وذلك محال، وإمّا أن يكون بأحدهما، فيلزم الترجّح بلا مرجّح؛ لأنّ المقتضي للقادريّة ذات الإله، وللمقدوريّة إمكان الممكن، فنسبة الممكنات إلى الإلهين المفروضين على السويّة من غير رجحان.
لا يقال: يجوز أن لا يقع مثل هذا المقدور، للزوم المحال، أو يقع بهما جميعا لا بكلّ منهما ليلزم المحال.
لأنّا نقول: الأوّل باطل؛ للزوم عجزهما، ولأنّ المانع من وقوعه بأحدهما ليس إلّا وقوعه بالآخر، فيلزم من عدم وقوعه بهما وقوعه بهما، وكذا الثاني؛ لأنّ التقدير استقلال كلّ منهما بالقدرة والإرادة ۱ .
وقد يقال ۲ : إليه الإشارة بقوله تعالى: «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلّا اللّه لَفَسَدَتا»۳ وتقريره أنّه لو تعدّد ۴ الإله لم تتكوّن السماء والأرض؛ لأنّ تكوّنهما إمّا بمجموع القدرتين، أو بكلّ منهما، أو بأحدهما، والكلّ باطل. أمّا الأوّل فلأنّ من شأن الإله كمال القدرة، وأمّا الآخران فلما مرّ ۵ .
وفيه نظر، والجواب ۶ قد ظهر لك ممّا مرّ.
ومنها ۷ : أنّه لو تعدّد الإله فما به التمايز لا يجوز أن يكون من لوازم الإلهيّة؛ ضرورة اشتراكهما فيها، بل من العوارض فيجوز مفارقته فيرتفع الاثنينيّة، فيلزم جواز وحدة الاثنين وهو محال ۸ .

1.شرح المقاصد، ج ۲، ص ۶۳ (الوجه الرابع).

2.قاله التفتازاني بعد ذكر برهان التمانع.

3.الأنبياء (۲۱): ۲۲.

4.في شرح المقاصد: «فإن اُريد بالفساد عدم التكوّن ، فتقريره أنّه لو تعدّد...».

5.شرح المقاصد، ج ۲، ص ۶۳.

6.في النسخة: «جواب».

7.هذا الوجه ذكره التفتازاني.

8.شرح المقاصد، ج ۲، ص ۶۳ (الوجه السابع) وفيه: «اشتراكها بل... مفارقتها... فترتفع».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
380

كان قادرا على إيجاده فيه بدلاً عنه. وعدم تلك القدرة إنّما نشأ من فعل الأوّل وإيجاده ما أوجده في ذلك المحلّ، فالثاني عاجز في خلق ذلك المثل بتعجيز الأوّل إيّاه، وكذا بالعكس.
والتمكّن من إيجاد مثله في محلّ آخر في عالم آخر لا ينفع أصلاً؛ لأنّ عجز كلّ واحد عن إيجاد مثل فعل الآخر في هذا العالم بتعجيز كلّ منهما صاحبه كافٍ في المطلوب، على أنّه يوجب بخلهما وخسّتهما وسدّ كثير من أبواب فيضهما؛ لأنّ كلّ واحد منهما لم يتمكّن من إيجاد عالم بتمامه، فشركتهما في عالم واحد وعدم تفرّد كلّ منهما بعالم بخل وخسّة ونقص عظيم منافٍ للاُلوهيّة، هذا إذا لم يكن إيجاد المثلين معا في العالمين منافيا للحكمة والمصلحة، وإذا كان كذلك فإيجاد أحدهما ـ وهو الذي قد وقع ـ منافٍ لحكمة إيجاد الآخر ومصلحته، ففِعْلُ فاعل ذلك المثل مانعٌ عن فعل فاعل المثل، فيلزم عجز الثاني عن فعله بتعجيز الأوّل إيّاه، وكذا عجز الأوّل بالقياس إلى مثل الفعل الواقع من الثاني بتعجيز الثاني إيّاه.
والقولُ بأنّه لعلّ أن يكون للإله الآخر عالَمٌ ۱ لا يعلمه غيرُ معقول؛ لأنّ المراد بالعالَم ما عدا الإلهين المفروضين، سواء كان معلوما أم لا... ۲ .
وعلى الثالث يلزم عجز الآخر وعدم كونه إلها خالقا لهذا العالَم، هذا خلف.
فإن قيل: ما ذكرتم من العجز لازم في الواحد أيضا، إذا أوجد المقدور؛ فإنّه لا يبقى قادرا عليه؛ ضرورةَ امتناع إيجاد الموجود، فيلزم أن لا يصلح للاُلوهيّة.
قلنا: عدم القدرة بناءً على تنفيذ القدرة ليس عجزا بل كمالاً للقدرة بخلاف عدم القدرة بناءً على سدّ الغير طريق القدرة عليه، فإنّه عجز بتعجيز الغير إيّاه. فعلى هذا التقرير الذي تفرّدت به لا يتوجّه على هذا الوجه إيراد أصلاً. واللّه الهادي إلى سبيل الرشاد.
ومنها ۳ : أنّه لو وجد إلهان يتّصفان لا محالة بصفات الاُلوهيّة من العلم والقدرة والإرادة

1.في النسخة: «عالَما».

2.كلمة لا تقرأ.

3.هذا الوجه ذكره التفتازاني.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144651
صفحه از 739
پرینت  ارسال به