389
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

قلنا: قد قيل: إنّه كدلائل الحدسيّات أو كدلائل قضايا قياساتها معها.
وأقول: الحقّ في الجواب أن يقال: أمّا دلائل الحكماء والمحقّقين على هذين المطلبين فإنّما هي دلائل إثبات الواجب بالذات وإثبات توحيده، ولا شكّ في أنّهما نظريان، ولا يلزم من بداهة وجود المبدأ الأوّل للعالم وبداهة وحدة ذلك المبدأ بداهة كونه واجب الوجود بالذات، وبداهة وحدة الواجب تعدّده ۱ في بادئ الرأي وإن لم يكن أحدهما صانعا للعالم، فلا بدّ لإثباتهما من البرهان.
وأمّا دلائل بعض المتكلّمين على الحكمين... ۲ فهي بالحقيقة ـ كما ذكرناه ـ تنبيهات على ما هو بديهي وفطري إجمالاً؛ لإزالة الشبهات والأوهام الطارئة عليه ونسمّيها ۳ بالدليل والبرهان.
أمّا عند المحقّقين والكاملين فعلى سبيل التشبيه والتجوّز؛ لاشتراكها مع الدليل في إزالة الأوهام الفاسدة، وفي إلزام الخصم المتجاهل الجاحد بلسانه.
وأمّا عند القاصرين فكما أنّ البديهي هذا (ظ) يشتبه عليهم بالنظري بسبب الشبهات والأوهام وإن لم تخلّ (ظ) تلك الشبهات في القطع بالمطلوب، كذلك منبّهاته المزيلة لتلك الشبهات تشتبه عليهم بالدليل والبرهان، فلذلك يحكمون بنظريّة البديهي وحجّيّة المنبّه(؟).
توضيح ذلك أنّ أعظميّة الكلّ من الجزء من أجلى البديهيّات مع أنّ شبهة داء الفيل توجب تشويش بعض الأذهان القاصرة ولو اُورد عليها الشبهة بوجه آخر ـ بأن يقال: واجب الوجود جزء لمجموع المركّب منه ومن سائر الموجودات، وذلك المجموع مغاير للواجب الذي هو جزء منه؛ لضرورة مغايرة الكلّ للجزء، مع أنّه أعظم من المجموع؛ لأنّه أعظم من غيره مطلقا بالضرورة والاتّفاق، فيلزم أن لا يكون الكلّ أعظم من الجزء كلّيّة، بل قد يكون الأمر على عكس ذلك ـ لزاد تشويش هذه الأذهان القاصرة في هذا الأمر القطعي الأوّلي،

1.كذا.

2.كلمتان لا تقرآن.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
388

مضيء بذاته لا بضوء زائد على ذاته، فهذا أعلى وأقوى ممّا يتصوّر في كون الشيء شيئا.
فإن قيل: كيف يوصف الضوء بأنّه مضيء مع أنّ معنى المضيء ـ كما يتبادر إليهم الأفهام ـ ما قام به الضوء.
قلنا: ذلك المعنى هو الذي يتعارفه العامّة، وقد وضع له لفظ المضيء في اللغة وليس كلامنا فيه؛ فإنّا إذا قلنا: الضوء مضيء بذاته، لم نرد به أنّه قام به ضوء آخر، وصار مضيئا بذلك الضوء، بل أردنا به أنّ ما كان حاصلاً لكلّ واحد من المضيء بغيره والمضيء ۱ بضوء هو غيره ـ أعني الظهور على الأبصار بسبب الضوء ـ فهو حاصل للضوء في نفسه بحسب ذاته لا بما هو زائد على ذاته، بل الظهور في الضوء أقوى وأكمل، فإنّه ظاهر بذاته ظهورا (ظ) لا خفاء فيه أصلاً، ومظهرا لغيره على حسب قابليّته للظهور، وإذا انكشف لك حال هذه المراتب الثلاث في الاُمور المحسوسة فقس عليها حالها في الاُمور المعنويّة المعقولة، ومن البيّن ـ كما يشهد به بديهة العقل ـ أنّ الواجب الوجود تعالى شأنه يجب أن يكون في أعلى مراتب الموجوديّة. انتهى كلامه.
سعد مطوّع الحقّ ۲ من اُفق البيان واجب الوجود هو الوجود المستغني عن الغير الموجود بذاته لا الموجود المستغني عن الغير؛ فتدبّر.
وهم وتنبيه
فإن قلت: إن كان وجود المبدأ الأوّل الواحد الغير المصنوع لغيره الصانع لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة المعبّر عنه بالعالم بديهيّا فما هذه الدلائل والحجج التي يذكرونها على وجوده تعالى وعلى توحيده؟

1.كذا.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125457
صفحه از 739
پرینت  ارسال به