39
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

استعمالها مطلقا بسبب العوائق الطبيعيّة أو الخارجيّة ، كالمرتبة الأدنى من الصبا ، وكالجنون، والسكر ونحوها، وقد يعبّر عن ذلك المعنى بعدم العقل مجازا، وإلّا لم يمكن انفكاكه عن الإنسان كما مرّ.
أو عدم تمكّن النفس من استعمالها كما ينبغي بسبب غلبة القوّة الواهمة، أو قوّتَي: الشهويّة والغضبيّة، ومضادّة الاُولى للقوّة النظريّة، والثانية للعمليّة.
والجهل الذي في مقابل المعنى الرابع من مراتب العقل النظري هو عدم تلك المراتب، فإنّ من كان في أقصى الغاية من البلادة، لا يكون له استعداد أصلاً، لا قريبا ولا متوسّطا ولا بعيدا بالنسبة إلى بعض المسائل الغامضة البالغة في غاية الإعضال والدقّة؛ لأنّ إدراكه خارج عن قدرته وإن سعى تمام العمر في تحصيله، فلا يكون له بالنسبة إلى تلك المسألة عقلاً هيولانيا، فضلاً عن سائر المراتب.
والجهل الذي في مقابل المعنى الخامس نقص القوّة النطقيّة بحسب الفطرة، وينقسم بانقسام مقابله إلى ثلاثة أقسام:
الأوّل: نقصها من جهة القوّة النظريّة بحسب الفطرة، وذلك النقص إمّا من جهة تفريط تلك القوّة النظريّة، ويسمّى بالبلادة، أو من جهة إفراطها في التصوّر مع قصورها في التصديق بالحقّ، ويسمّى بالجُربُزة والفطانة البَتراء.
والثاني: نقصها من جهة القوّة العمليّة بحسب الفطرة، ويسمّى بالغباوة.
والثالث: نقصها من جهة القوّتين معا بحسب الخلقة، ويسمّى بالبلاهة والحمق، وقد يطلق البلادة والغباوة على ذلك المعنى أيضا إطلاقا للعامّ على الخاصّ.
والجهل الذي في مقابل المعنى السادس هو نقص تلك القوّة بحسب الكسب الذي تقتضيه قوّتا ۱ : الشهويّةِ والغضبيّةِ ، المانعتان ۲ عن العمل بمقتضاها، وهذا ما يسمّى في

1.في النسخة: «القوّتي».

2.في النسخة: «المانعة».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
38

وقد يطلق على ما يتناول الفهم واليقين والظنّ فقط.
وقد يطلق على التصديق المنقسم إلى اليقين والظنّ فقط.
والحادي عشر: كمال ذلك العلم المنقسم إليهما باعتبار الفهم فقط، أو باعتبار اليقين فقط، أو باعتبارهما معا، أي العلم التامّ بالشيء.
ثمّ الجهل يطلق على مقابلات تلك المعاني ماعدا الأوّل، فالجهل الذي هو في مقابل المعنى الثاني هو القوّة الواهمة، أو قوّتا: الشهويّة والغضبيّة المندرجتين تحت قوّة التحرّك ۱ الإرادي المسمّاة بالهوى، وهي التي مبدأ للتحريك الإرادي، يشترك فيها نفوس الإنسان وسائر الحيوانات.
وينقسم إلى قسمين؛ لأنّها إمّا أن تنبعث إلى جذب النفع، وتسمّى بالقوّة الشهويّة والنفس البهيميّة، وفي التنزيل يعبّر عنها بالنفس الأمّارة؛ لكثرة أمرها وإصرارها على نيل المشتهيات من المآكل والمشارب والمناكح ونحوها، أو إلى دفع الضرر، وتسمّى بالقوّة الغضبيّة والنفس السبعيّة، وفي التنزيل يعبّر عنها بالنفس اللوّامة؛ لأنّها ۲ بعد الإقدام بالأفعال الذميمة ـ من مقتضيات الأمّارة بل من مقتضيات نفسها أيضا من القهر والغلبة والانتقام ـ اشتغلت بملامة ذلك الإقدام والندامة منه، وجعلته قبيحا في نظر البصيرة، ويسمّى القوّة النطقيّة ـ التي هي العقل بالمعنى الثالث ـ بالنفس الملكيّة؛ لاقتضائها نيل الصفات الملكيّة من العلم والعمل الصالح إن لم يكن لها عائق، وفي التنزيل يعبّر عنها بالنفس المطمئنّة؛ لاطمئنانها بقرب اللّه وبمعرفته، فإنّ النفس تترقّى في سلسلة الأسباب والمسبّبات إلى الواجب لذاته فتستقرّ عند معرفته، وتستغني به عن غيره، أو إلى الحقّ بحيث لا يريبها شكّ، كما قال اللّه تعالى: «يا أيّتها النفسُ المُطمَئِنَّةُ * ارجِعي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرضيَّةً»۳
.
والجهل الذي هو في مقابل المعنى الثالث ـ أي قوّة النطق ـ عدم تمكّن النفس من

1.في النسخة: «تحرّك».

2.في النسخة: «لأنّ».

3.الفجر (۸۹): ۲۷ ـ ۲۸.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125451
صفحه از 739
پرینت  ارسال به