391
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

بحكم المقدّمات الثلاث ـ التي بيّناها في شرح الحديث الأوّل ـ أو بحكم الضرورة كما ذهب إليه بعض، وكلّ ما هو كذلك فهو معلول ومصنوع لذلك المؤثّر الموجود المباين بالضرورة، ويجب أن يكون ذلك الموجود المباين معلولاً له أيضا؛ لأنّ المفروض أنّه صانع لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة، فيلزم الدور وهو محال، فثبت أنّه واجب لذاته.
البرهان الثاني: أقول: لا شكّ في وجود صانع العالم الذي هو صانع لكلّ ما يغايره من الموجودات المحقّقة بحكم الأصلين الأوّلين، فإن كان واجبا فهو المطلوب، وإلّا فكان ممكنا محتاجا في وجوده إلى مؤثّر موجود مباين له خارج عنه بحكم المقدّمات الثلاث السالفة في شرح الحديث الأوّل، وكلّ ما هو كذلك فهو معلول لذلك المباين ۱ بالضرورة، ولا شكّ في أنّه لا يجوز أن يكون علّة لذلك الموجود المباين؛ لاستحالة الدور، فيلزم أن لا يكون ما هو صانع العالم، أي ما هو صانع لجميع ما عداه من الموجودات المحقّقة صانعا للعالم، أي صانعا لجميع ما عداه منها، هذا خلف محال.
البرهان الثالث: أقول: لا شكّ في أنّ صانع العالم ـ الذي هو علّة لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة ـ واحد بحكم الأصل الثاني، فإن كان واجبا ثبت المطلوب، وإلّا فكان ممكنا محتاجا في وجوده إلى مؤثّر موجود مباين له خارج عنه بحكم المقدّمات الثلاث السابقة، وكلّ ما هو كذلك فهو معلول لذلك الموجود المباين بالضرورة، ويجب أن يكون ذلك الموجود المباين معلولاً له أيضا؛ لأنّ المفروض أنّه صانع لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة وإن كان بالواسطة، وذلك معنى صانع العالم، فيلزم تعدّد صانع العالم، هذا خلف محال، فثبت أنّه واجب لذاته.
البرهان الرابع: أقول: لا شكّ في وجود المبدأ الأوّل الغير المصنوع لغيره للعالم بحكم الأصل الأوّل والثالث، فإن كان واجب الوجود بالذات فهو المطلوب، وإلّا فكان ممكنا، وكلّ

1.في النسخة: «بالمباين».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
390

ويوجب اضطرابها وإن كان اندفاع أمثال هذه الشبهة بالنظر إلى بعض آخر في غاية الظهور، حتّى لو بيّن لهم دفعها بتفصيل معنى الكلّ والجزء والأعظميّة لربّما يتوهّمون أنّ هذا برهان قاطع على هذا المطلب النظري، مع أنّ الشبهة لا تؤثّر في قطعهم أصلاً، ولا توجب شكّهم في أصل المطلب رأسا، بل إنّما توجب تشويش أذهانهم واضطرابهم؛ لعدم تمكّنهم من التفصّي عنها، فكذا الحال في نسبة (ظ) هذه المنبّهات إلى وجود الصانع الغير المصنوع ووحدته وكونه صانعا لجميع ما يغايره، فإنّ جميع ذلك معلوم لهم علما فطريا بديهيّا على سبيل الإجمال إلّا أنّ لقصور أذهانهم وعدم تمكّنهم من دفع الشُبَه والأوهام توهّموا أنّ المطلوب نظري وما يقال في بيانه برهان وحجّة، فعبّروا عنه بالدليل والبرهان؛ واللّه المستعان، وعليه التُّكْلانُ.

تبيان

أقول: بعد تمهيد هذه الاُصول قد ظهر لك أنّ وجود المبدأ الأوّل الإله الحقّ الواحد الغير المصنوع لغيره، الصانع لكلّ ما يغايره من الموجودات المحقّقة المعبّر عنه بالعالم فطري بديهي، وعلى هذا فنستدلّ على إثبات الواجب بالذات بالبراهين اللمّيّة الصريحة، وعلى توحيده تعالى في الفصلين:

الفصل الأول في البراهين اللمّيّة على إثبات الواجب بالذات

وهي خمسة، ثلاثة منها ـ وهي الأوّل والثاني والثالث ـ لا يتوقّف على الأصل الثالث، والرابع والخامس يتوقّفان عليه.
البرهان الأوّل: أقول: لا شكّ في وجود صانع العالم الذي هو صانع لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة بحكم الأصلين الأوّلين، فإن كان واجبا ثبت المطلوب، وإلّا فكان ممكنا، وكلّ ممكن موجود محتاج في وجوده إلى مؤثّر موجود مباين له خارج عنه إمّا

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125413
صفحه از 739
پرینت  ارسال به