393
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

الذي هو عين لذاته تعالى. ولا يذهب عليك أنّ عرضيّة المفهوم لا تنافي ۱ عينيّة الفرد.
فهذه براهين لمّيّة صريحة غير مبتنية على بطلان التسلسل على إثبات الواجب بالذات، واستشهاد بالحقّ على الحقّ.
ثمّ بعد ذلك يستدلّ بما يلزم الوجوب الذاتي على صفاته، ثمّ بالنظر إلى صفاته تعالى على كيفيّة صدور أفعاله عنه واحدا بعد واحد، كما هو المذكور في كتب المحقّقين، وسيجيء ذكر بعضه إن شاء اللّه تعالى، فعلى هذا ظهر تفسير قوله تعالى في سورة فصّلت: «أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدا»۲ الحمد للّه الذي جعلني من المستشهدين بالحقّ على الحقّ وعلى كلّ شيء، وعلّمني بإلهامه تفسير هذه الآية الشريفة، وجعلني من زمرة عبيد المخاطب بهذا الخطاب الشريف «وَكَفى بِرَبِّكَ هادِيا وَنَصِيرا»۳ .

الفصل الثاني في برهان توحيد الواجب بالذات على هذا المسلك الشريف

أقول: قد ثبت آنفا بالبراهين المذكورة أنّ صانع العالم البديهي الوجود ـ الذي هو صانع لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة ـ واجب الوجود بالذات، فلو كان واجبٌ ۴ آخر غيره يلزم أن يكون ذلك الصانع علّة وصانعا له؛ لأنّه علّة لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة ـ بلا واسطة كان أو بالواسطة ـ بالضرورة بحكم الأصل الثاني، فيلزم أن يكون ذلك الواجب بالذات الآخر معلولاً ومصنوعا للأوّل، وهو محال بالضرورة، أو نقول: فيلزم أن يكون ذلك الواجب الآخر معلولاً لغيره، وكلّ ما هو معلول لغيره ممكن بالذات بالضرورة، فيلزم أن يكون الواجب بالذات ممكنا بالذات، هذا خلف محال، فثبت أنّ الواجب بالذات

1.في النسخة: «لا ينافي».

2.فصّلت (۴۱): ۵۳.

3.الفرقان (۲۵): ۳۱.

4.في النسخة: «واجبا».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
392

ممكن موجود محتاج في وجوده إلى مؤثّر موجود مباين له خارج عنه بحكم المقدّمات الثلاث الماضية في شرح الحديث الأوّل، وكلّ ما هو كذلك فهو مصنوع ومعلول لغيره بالضرورة، فيلزم أن يكون المبدأ الأوّل والصانع الذي غير مصنوع لغيره مصنوعا معلولاً لغيره، هذا خلف محال.
وبعبارة اُخرى: لا شكّ في وجود موجود غير مخلوق لغيره وهو المبدأ الأوّل البديهي الوجود بحكم الأصلين المذكورين، فإن كان واجبا ثبت المطلوب، وإلّا فيكون ممكنا محتاجا في وجوده إلى مؤثّر موجود خارج عنه مباين له بحكم المقدّمات الثلاث المذكورة، وكلّ ما هو كذلك معلول مخلوق لغيره بالضرورة، فيلزم أن يكون ما فرضناه غير مخلوق لغيره، هذا خلف محال، فثبت أنّه واجب بالذات.
البرهان الخامس: أقول: لا شكّ في وجود صانع العالم بحكم الأصل الأوّل، فإن كان واجب الوجود بالذات فهو المطلوب، وإلّا فكان ممكنا، وكلّ ممكن موجود محتاج في وجوده إلى مؤثّر موجود مباين له خارج عنه بحكم المقدّمات الثلاث السابقة، وكلّ ما هو كذلك فهو معلول ومصنوع لغيره بالضرورة، وكلّ ما هو مصنوع لغيره فهو من العالم بحكم الأصل الثالث، فيلزم أن يكون صانع العالم من جملة العالم وهو ضروري البطلان بحكم الأصل الثاني من أنّ صانع العالم مباين لكلّ ما هو منه بالبديهة، فثبت أنّه ليس بممكن، فهو واجب بالذات.
تبصرة: لا يذهب عليك أنّ كلّ واحد من هذه البراهين الخمس استدلالٌ بوجوده تعالى من حيث إنّه بديهي على كونه مصداقا لمفهوم واجب الوجود بالذات، ولا شكّ في أنّه تعالى فردٌ لهذا المفهوم وعلّةٌ لاتّصافه به، كما أنّه فردٌ لمفهوم الوجود المطلق ومفهوم الموجود المطلق ومفهوم الوجوب بالذات، وعلّةٌ لاتّصافه بهذه المفهومات، فكلّ منها استدلال بوجود العلّة ـ التي هي ذاته المعلومة لنا أنّه صانع للعالم وموجود بالبديهة ـ على المعلول الذي هو اتّصافه بمفهوم الواجب بالذات الذي هو عرضي لفرده المجهول الكُنْه

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 142912
صفحه از 739
پرینت  ارسال به