الذي هو عين لذاته تعالى. ولا يذهب عليك أنّ عرضيّة المفهوم لا تنافي ۱ عينيّة الفرد.
فهذه براهين لمّيّة صريحة غير مبتنية على بطلان التسلسل على إثبات الواجب بالذات، واستشهاد بالحقّ على الحقّ.
ثمّ بعد ذلك يستدلّ بما يلزم الوجوب الذاتي على صفاته، ثمّ بالنظر إلى صفاته تعالى على كيفيّة صدور أفعاله عنه واحدا بعد واحد، كما هو المذكور في كتب المحقّقين، وسيجيء ذكر بعضه إن شاء اللّه تعالى، فعلى هذا ظهر تفسير قوله تعالى في سورة فصّلت: «أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدا»۲ الحمد للّه الذي جعلني من المستشهدين بالحقّ على الحقّ وعلى كلّ شيء، وعلّمني بإلهامه تفسير هذه الآية الشريفة، وجعلني من زمرة عبيد المخاطب بهذا الخطاب الشريف «وَكَفى بِرَبِّكَ هادِيا وَنَصِيرا»۳ .
الفصل الثاني في برهان توحيد الواجب بالذات على هذا المسلك الشريف
أقول: قد ثبت آنفا بالبراهين المذكورة أنّ صانع العالم البديهي الوجود ـ الذي هو صانع لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة ـ واجب الوجود بالذات، فلو كان واجبٌ ۴ آخر غيره يلزم أن يكون ذلك الصانع علّة وصانعا له؛ لأنّه علّة لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة ـ بلا واسطة كان أو بالواسطة ـ بالضرورة بحكم الأصل الثاني، فيلزم أن يكون ذلك الواجب بالذات الآخر معلولاً ومصنوعا للأوّل، وهو محال بالضرورة، أو نقول: فيلزم أن يكون ذلك الواجب الآخر معلولاً لغيره، وكلّ ما هو معلول لغيره ممكن بالذات بالضرورة، فيلزم أن يكون الواجب بالذات ممكنا بالذات، هذا خلف محال، فثبت أنّ الواجب بالذات