بشركة الآخر، وكلّ منهما مغاير للآخر، فيلزم أن يكون كلّ واحد منهما صانعا وعلّة لنفسه بشركة الآخر، وهو محال.
الثالث: أقول: لو كان الصانع متعدّدا ليصدق على كلّ واحد منهما أنّه مغاير لصانع العالم، كما يصدق على كلّ واحد منهما أنّه صانع للعالم؛ لأنّ كلّاً ۱ من الصانعين مغاير للآخر، وكلّ ما هو مغاير لصانع العالم فهو من العالم بالضرورة بحكم الأصل الثاني، ولا شيء من العالم بصانع العالم بالضرورة بحكم الأصل المذكور، فيلزم أن لا يكون شيء منهما صانعا للعالم، هذا خلف.
الرابع: تقرير القياس بحاله، ويلزم أن يكون كلّ واحد منهما صانعا للعالم وليس بصانع له، فيلزم اجتماع النقيضين في كلّ واحد منهما، وهو محال.
الخامس: أقول: لو كان الصانع متعدّدا فإمّا أن يكون كلّ واحد منهما بانفراده صانعا للعالم، أي لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة، أو أحدهما صانع ۲ له والآخر لبعضه، أو أحدهما صانع ۳ لبعض منه، والآخر لبعض آخر، أو يكون كلاهما بالاشتراك صانعا له.
لا سبيل إلى الأوّل والثاني؛ لاستحالة توارد العلّتين المستقلّتين بالتأثير على المعلول الواحد الشخصي، مع لزوم الخلف أيضا في الثاني، ولا سبيل إلى الثالث؛ لأنّه يلزم أن لا يكون شيء منهما صانعا للعالم، أي لجميع ما يغايره من الموجودات المحقّقة، هذا خلف، ولا سبيل إلى الرابع؛ للزوم وحدة الصانع على تقدير تعدّده إن كان المجموع من حيث المجموع صانعا له، هذا خلف، وللزوم الدور إن كان كلّ واحد منهما بشركة الآخر صانعا له ـ كما مرّ مفصّلاً في المنبّه الثاني ـ وهو محال. ولم نتعرّض لذكر احتمالات اُخر؛ لغاية ظهور فسادها؛ واللّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.