۰.فلمّا كان من العام القابل التَقَى معه في الحَرَم ، فقال له بعض شيعته : إنَّ ابن أبي العوجاء قد أسْلَمَ ، فقالَ العالِمُ عليه السلام : «هو أعمى من ذلك لا يُسْلِمُ» . فلمّا بَصُرَ بالعالم قال : سيّدي ومولاي ، فقال له العالم عليه السلام : «ما جاء بك إلى هذا الموضع؟» فقال : عادةُ الجَسَدِ ، وسنّةُ البَلَدِ ، ولِنَنْظُرَ ما الناسُ فيه من الجنون والحَلْق ورَمْي الحجارة؟ فقال له العالم عليه السلام : «أنت بعدُ على عُتُوِّكَ وضَلالِك يا عبدالكريم» . فذهب يتكلّم ، فقال له عليه السلام : «لا جدال في الحجّ» ونَفَضَ رداءه من يده وقال : «إن يكن الأمرُ كما تَقولُ وليس كما تَقولُ ، نجونا ونجوتَ ، وإن يكن الأمر كما نقول وهو كما نقول ، نجونا وهلكتَ» . فأقبل عبدالكريم على مَن معه ، فقال : وجدت في قلبي حزازةً فرُدُّوني ، فَرَدُّوه ، فماتَ لارَحِمَهُ اللّهُ .
۳.حدَّثني محمّد بن جعفر الأسديّ ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكيّ الرازيّ ، عن الحسين بن الحسن بن بُرْدٍ الدينوري ، عن محمّد بن عليّ ، عن محمّد بن عبداللّه الخراسانيّ خادمِ الرضا عليه السلام قال : دَخَلَ رجلٌ من الزنادقة على أبي الحسن عليه السلام وعندَه جَماعةٌ . فقال أبو الحسن عليه السلام :«أيّها الرجلُ ، أرأيتَ إن كانَ القولُ قولَكم ، وليس هو كما تقولونَ ، ألَسْنا
قوله: (عن محمّد بن إسماعيل البرمكي الرازي)
«البرمكي» ـ بفتح الباء وسكون الراء المهملة وفتح الميم ـ نسبة إلى جدّ يحيى بن خالد وهم البرامكة. و«الرازي» نسبة إلى الريّ بغير قياس. و«بُرد» بضمّ الباء الموحّدة وسكون الراء المهملة ثمّ دال المهملة. و«الدِينوري» ـ بكسر الدال المهملة وسكون الياء المثنّاة تحت وفتح النون والواو ثمّ راء مهملة ـ نسبة إلى بلد قرب همدان.
وقوله عليه السلام : (أيّها الرجل أرأيت) بهمزة الاستفهام وفتح الضمير للمخاطب، أي أخبرني.
وقوله عليه السلام : (إن كان القول قولكم) أي إن كان قول الحقّ قولكم وهو أن ليس للعالم صانع ۱ .
وزيادة كاف التشبيه في قوله عليه السلام : (وليس هو كما تقولون) للدلالة على أنّ قولهم بعيد عن الحقّ.