41
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۰.ثمّ قال : وعزّتي وجلالي ، ما خلقتُ خلقا هو أحبُّ إليَّ منك ، ولا أكملتُك إلّا فيمن اُحِبُّ ،

وحاصله أنّه جعله بحيث يصحّ أمره ونهيه، أي جعله قابلاً للتكليف بأن جعله ذا قوّة يميّز بها بين مدركاته ومصالح أفعاله ومفاسدها.
وليس المراد حقيقةَ أمرٍ وامتثالٍ، بل تمثيل حصول ما تعلّقت به إرادته بلا مُهلة بطاعة المأمور المطيع بلا توقّف، على سياقة قوله تعالى: «إذا أرادَ شَيئا أَنْ يَقولَ لَهُ كُنْ فَيكونُ»۱ يعني إذا تعلّقت إرادته تعالى جدُّه بإيجاد شيء فيوجد بلا تخلّف وتأخير.
وقوله: (ما خلقت خلقا هو أحبّ إليَ منك) أي ما خلقت خلقا في هذا العالم، يعني عالم الملك، هو أحبّ إليّ منك؛ لأنّه أشرف مخلوقاته فيه كما بيّن في موضعه، فهو أحبّ منها إليه تعالى.
والمحبّة والحبّ ميل القلب، واستعماله في هذا المقام وأمثاله بطريق الاستعارة، شبّه النسبة والرقيقة ـ التي بينه تعالى وبين خلقه وهي التي يترتّب عليها حفظ المخلوقات وحراستها ورزقها واُكالها وغير ذلك من المصالح التي تليق بحالها على اختلاف مراتبها بحسب اختلاف قابليّاتها ـ بالحبّ، وعبّر عنها بهذا اللفظ.
ولمّا كانت الآثار المرتّبة على هذه النسبة للمكلّفين من خلق هذا العالم أكثر؛ لزيادة أمرهم بمصالح معاشهم ومعادهم، وقربهم إلى الحقّ تعالى شأنه، ونهيهم عمّا يضرّهم في تلك الاُمور بإرسال الرسل وإنزال الكتب وإقامة الآيات والحجج، فكانت تلك النسبة بالنظر إليهم أتمّ، عبّر عنها بقوله: «أحبّ»
ومن هذا ظهر سرّ قوله: (ولا أكملتك إلّا فيمن اُحبّ) ؛ لأنّه كلّما كانت النفس أكمل ـ سواء كانت أكمليّتها بحسب الفطرة، أو بحسب الكسب، أو بهما معا ـ كان استعدادها للتكليف أكثر، فزاد تكليف صاحبها كمّا وكيفا، كما في صاحب النفس القدسيّة، فهو حبيبه بل أحبّ إليه جلّ ذكره.

1.يس (۳۶): ۸۲.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
40

۰.محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :«لمّا خلقَ اللّهُ العقلَ استنطَقَه ، ثمّ قال له : أقبِلْ ، فأقبَلَ ، ثمّ قال له : أدْبِر ، فأدبَرَ ، .........

الحديث بالشيطنة والنَكْراء، وذلك أيضا ينقسم بانقسام ما يقابله إلى ثلاثة أقسام.
والجهل الذي في مقابل المعنى السابع نقصها بحسب الفطرة والكسب معا، وهو أيضا ينقسم إلى أقسام ثلاثة، أدونها نقصها من جهتي: القوّة النظريّة والعمليّة معا بحسب الفطرة والكسب جميعا، وذلك في مقابل العقل عن اللّه .
والذي في مقابل المعنى الثامن عدم الفهم.
والذي في مقابل المعنى التاسع عدم اليقين سواء كان في ضمن جهل البسيط، أو جهل المركّب، أو الظنّ، أو التقليد.
والذي في مقابل المعنى العاشر عدم العلم المتناول للفهم واليقين فقط.
والذي في مقابل المعنى الحادي عشر نقصان العلم المتناول لهما باعتبار نقصان الفهم فقط، أو نقصان اليقين فقط، أو باعتبار نقصانهما معا من حيث الكمّيّة.
قوله عليه السلام : (لمّا خلق اللّهُ العقل) إلخ
أقول ـ واللّه يعلم بحقائق الاُمور ـ : لعلّ المراد بالعقل هاهنا النفس الناطقة الإنسانيّة تسميةً للمحلّ باسم الحالّ، وحينئذٍ الجهل الذي هو ضدّه في الاقتضاء هو القوّة الواهمة باعتبار مضادّتها للقوّة النظريّة من النفس، أو قوّتا : الشهويّة والغضبيّة الحيوانيّة باعتبار مضادّتهما للقوّة العمليّة منها.
وقوله: (استنطقه) أي جعله ناطقا مدركا للمعقولات متميّزا بذلك عن النفوس النباتيّة والحيوانيّة.
وقوله: (ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال له: أدبر فأدبر) أي كن مستعدّا للإقبال على وجه اللّه تعالى وعلى مأموراته فصار كذا، وكن قابلاً للإدبار عن غيره وللكفّ عن منهيّاته فصار كذا.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 142856
صفحه از 739
پرینت  ارسال به