409
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

اعلم أنّ الأجزاء العقليّة للشيء ليست أجزاء له حال حصوله في الذهن ـ كما حسبه المُورِد ـ حتّى يكون ما يحصل من الإنسان في الذهن حيوانا ناطقا هناك؛ فإنّ هناك كيفيّة نفسانيّة ـ على ما ذهب إليه المحقّقون ـ وليس حيوانا هناك ولا ناطقا، بل الأجزاء العقليّة أجزاء يقسّم العقل الشيء إليها، مثلاً يقسّم الإنسان حيث يكون إنسانا وهو [في] ۱ الخارج إلى الحيوان الناطق فهو في الخارج حيوان ناطق لكنّهما ليسا جزءين يحصل الإنسان من تركيبهما، بل جزءين يقسّم العقل الإنسان إليهما بضرب من التقسيم، فذات الجزءين حاصل قبل التقسيم لكنّهما حينئذٍ أمر واحد هو ذلك الشيء، وذات كلّ واحد منهما بعض من أمر واحد، لا أمرٌ واحد على حدة، وحصوله بعض من حصول ذلك الأمر، وبعد تقسيم العقل إيّاه يتّصف ذوات الأجزاء بصفة الجزئيّة، ويتكثّر ذلك الواحد ضربا من التكثّر.
ثمّ اعلم أنّ تقدّم العلّة على المعلول ليس بحسب وجودهما في نفس الأمر، فإنّهما هناك يوجدان معا، وإلّا لزم تخلّف المعلول عن العلّة التامّة، هذا خلف، بل بحسب مقايسة العقل؛ فإنّ العقل إذا قاس العلّة ومعلولها إلى الوجود، يجد العلّة أقرب منه والمعلول أبعد، ويعبّر عن هذا القرب والبعد بأنّه وجد العلّة فوجد المعلول، وهذا الحكم شامل للأجزاء التحليليّة أيضا؛ فإنّ العقل إذا قاس الشيء وذات جزئه التحليلي إلى الوجود، يجزم بأنّه ما لم يوجد ذات الجزء لم يوجد الشيء، مثلاً يحكم بأنّه وجد ذات نصف الفلك، فوجد الفلك وإن كان وجود النصف في ضمن وجود الفلك، وليس أمرا وراءه [في نفس الأمر] ۲ ؛ لأنّ هذا التقدّم ليس بحسب نفس الأمر حتّى يقتضي أمرين متغايرين فيها، فيجوز ۳ أن يكون في نفس

1.من المصدر المخطوط.

2.في المصدر: «فجاز».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
408

تقسيمه وتحليله إلى أجزاء، وما لم يُحلّل ولم يقسّم إليها لم يحصل الجزء التحليلي.
وإن أردتم الجزئيّة فمسلّم لكن لا يلزم حينئذٍ من الدليل أن لا يقبل الواجب القسمة إلى الأجزاء التحليليّة كالجنس والفصل.
قلت: المراد الكلّيّة والجملة وذات الجزء التحليلي [مقدّم على الجملة، بأنّ الجملة وذات جزئها التحليلي] ۱ إذا قاسهما العقل إلى الوجود يحكم بتقدّم ذات جزء الجملة عليها، وذلك لا ينافي تأخّر وصف الجزئيّة عنها، فذات الجزء بدون وصف الجزئيّة مقدّم على الجملة، ومع وصف الجزئيّة ليس مقدّما عليها، كما أنّ ذات العلّة بدون صفة العلّيّة مقدّم على المعلول، ومع صفة العلّيّة ليس مقدّما عليه بناء على المضايفة.
واُورد على هذا المسلك أنّ الأجزاء التحليليّة كالجنس والفصل ليس ۲ جزءً للشيء مطلقا ولا بحسب الخارج؛ فإنّ الأمر البسيط ـ الذي لا تعدّد فيه أصلاً بحسب الخارج لا في ذاته ولا في وجوده ـ إذا وجُد في العقل فصّله العقل إلى مفهومين متمايزين، وهذا التفصيل والتعدّد إنّما يحصل في هذا الوجود دون الوجود الخارجي، فيكون البساطة لازمة للمهيّة بالنظر إلى الوجود الخارجي، والتركيب بحسب الوجود الذهني فلا يكون المهيّةُ مطلقا ولا بحسب الخارج محتاجةً إلى غيرها في ذاتها ووجودها الخارجي بل عند حصولها في الذهن، ولا نسلّم استحالته ولزومه الإمكان.
وأقول: ذلك الإيراد غير وارد، وتبيينه يستدعي تحقيق أمرين: أحدهما الأجزاء العقليّة، والثاني تقدّم العلّة على المعلول.

1.من المصدر المخطوط.

2.في المصدر المخطوط: «ليست».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144797
صفحه از 739
پرینت  ارسال به