411
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

غائبا عن الحواسّ، فيكون ظهوره منشأ خفائه. انتهى ۱ كلامه ۲ .
لا يقال: يلزم على هذا تجويز كون العلّة أمرا بالقوّة، وهذا ـ كما تَرى ـ يفضي إلى اُمور شنيعة كتجويز كون المبدأ أمرا تحليليا. وأيضا ما قرّره يستلزم أن يكون لكلّ جسم علل غير متناهية هي الأجزاء التحليليّة المقداريّة، وهل هذا إلّا التسلسل المحال؟
لأنّا نجيب عن الأوّل بأنّ العلّيّة وإن كانت بما هي عليّة غير مستلزمة لكون العلّة موجودا برأسه على حدة إلّا أنّ الفاعليّة التي هي أخصّ منها تستلزم هذا كما لا يخفى، فالمبدأ الأوّل لوجوب كونه فاعلاً يجب أن يكون أمرا بالفعل، فلا يكون تحليليا أصلاً، بل يكون أصلاً لكلّ أصل.
وعن الثاني بأنّ الكثرة فرضيّة، فالأجزاء غير متكثّرة بل الكلّ واحد، فلم يكن عللاً مترتّبة. وتنشئ الإشكال أخذ ما بالقوّة مكان ما بالفعل، فظهر أنّه تعالى ليس له أجزاء خارجيّة ولا أجزء تحليليّة عقليّة ولا مقداريّة، فلم يكن له مادّة ولا صورة ولا تعيّنا زائدا ۳ ولا جنسا ولا فصلاً ولا نوعا ولا كمّا وليس بمتكمّم فهو الأحد الواحد الفرد المجرّد.
قال العلّامة الدواني في رسالته على إثبات الواجب بعد ما أورد على هذا الدليل الإيراد الذي نقله صدر المحقّقين بقوله: واُورد على هذا المسلك إلخ:
ويمكن الاستدلال على هذا المطلب بأنّه لمّا كان الوجود عين الواجب ۴ فجزؤه التحليلي إمّا وجود، ۵
أو أمر آخر، وعلى الأوّل يلزم كونه واجبا، وعلى الثاني يكون ذلك الجزء ممكنا؛ لأنّ ما عدا الوجود المتأكّد القائم بنفسه لا يكون واجبا، فيكون

1.رسالة إثبات الواجب لصدر الدين الدشتكي (مخطوط)، ص ۱۱ ـ ۱۵.

2.في هامش النسخة: أي كلام صدر المحقّقين (منه عفي عنه).

3.كذا. والصواب ظاهرا: «تعيّنٌ زائدٌ» . وكذا في الموارد الآتية.

4.في المصدر: «كان الواجب هو الوجود المتأكّد». و في هامش النسخة: يعني وجود متاكّد قائم بنفسه «منه عفي عنه».

5.في المصدر: + «المتأكّد».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
410

الأمر واحدا ۱ ، والعقل يعتبر ۲ جزءً فيه وينسبه ۳ مع ذلك الجزء إلى الوجود، فيجد الجزء أقرب من الوجود. وكذلك يحكم بأنّه وجد الحيوان، فوجد الإنسان وإن كانا أمرا واحدا في الخارج، فإنّ هذا الأمر من حيث إنّه حيوان يجده العقل أقرب من الوجود منه من حيث إنّه إنسان.
إذا عرفت ذلك، فلا خلاف في أنّ سلسلة العلل والمعلولات مترتّبة عند العقل بحسب القرب من الوجود والبعد عنه، فإنّه يحكم بأنّه وجد العلّة فوجد معلولها ۴ ، وهلمّ جرّا. ولا في أنّ كلّ ما ۵ في هذه السلسلة فيكون معلولاً سوى ما كان مبدءً ۶ ، فلو كان للواجب بالذات أجزاء عقليّة، أو غير عقليّة، كانت متقدّمة عليه؛ لما مرّ، فيكون الواجب في غير مبدأ السلسلة، فيكون معلولاً، هذا خلف.
ولمّا لم يقبل الواجب بالذات القسمة إلى أجزاء القوام ولا موضوع له، وكانت المادّة من تلك الأجزاء، كان مجرّدا عن المادّة ولواحقها غير مخلوطة بها، بخلاف المادّيّات؛ فإنّها محفوفة بالغواشي الغريبة المادّيّة، مخلوطة بها، مغمورة فيها بحيث لا يحسّ إلّا معها، فكأنّ المادّيّات كائنة في لباس الغواشي الغريبة، والمجرّد عن المادّة ظاهرٌ عارٍ عن اللباس.
قال المعلّم الثاني في الفصوص: واجب الوجود لا موضوع له ولا عوارض له ولا لُبس له، فهو صُِراح ۷ ، فهو ظاهر ۸ . ولمّا كانت حواسّنا محفوفة بالغواشي الغريبة المادّيّة، ولا تدرك إلّا ما هو كذلك، صار المجرّد بواسطة تجرّده عن لباس الغواشي

1.في المصدر المخطوط: «في نفس الأمر أمرٌ واحد».

2.في المصدر المخطوط: «يعين».

3.في المصدر: «يعينه».

4.في المصدر المخطوط: «وجد العلّة فوجد المعلول ثمّ وجد معلول، ثمّ وُجد معلول معلولها، ثمّ وجد معلول معلول معلولها».

5.في المصدر المخطوط: + «هو».

6.في المصدر المخطوط: «مبدئها».

7.كذا ضبطه في النسخة وكتب فوقها : «معا».

8.فصوص الحكم، ص ۵۳ ـ ۵۴، فص ۱۰.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144737
صفحه از 739
پرینت  ارسال به