415
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

الضدّين كالحركة والسكون ونحوهما، وإمّا أن لا يتّصف بشيء، فيلزم انتفاء بعض لوازم الأجسام، مع أنّ الضدّين قد يكونان بحيث يمتنع خلوّ الجسم عنهما، وإمّا أن يتّصف بالبعض دون البعض، فيلزم احتياج الواجب في صفاته إن كان ذلك لمخصّص، ويلزم الترجيح بلا مرجّح إن كان لا لمخصّص.
الرابع: أنّه لو كان جسما لكان متناهيا؛ لما ثبت في موضعه من تناهي الأبعاد، فيكون شَكلاً؛ لأنّ الشَكل عبارة عن هيئة إحاطة النهاية بالجسم، وحينئذٍ إمّا أن يكون على جميع الأشكال وهو محال، أو على البعض دون البعض لمخصّص، فيلزم الاحتياج أوّلاً لمخصّص، فيلزم الترجيح بلا مرجّح.
لا يقال: هذا وارد في اتّصاف الواجب بصفاته دون أضدادها؛
لأنّا نقول: صفاته صفات كمال يتّصف بها لذاته، وأضدادها صفات نقص يتنزّه عنها لذاته، بخلاف الأضداد المتواردة على الأجسام، فإنّها قد تكون متساوية الأقدام.
إذا عرفت هذه، فلنرجع إلى المطلوب، فحاصل قوله عليه السلام أنّ المتعالي عن الإحساس ـ الذي جعلتَه مانعا للربوبيّة وباعثا على إنكارك ـ مصحّحٌ للربوبيّة، ودالٌّ على اختصاصه بصحّة الربوبيّة بالنسبة إلى الأشياء التي يصحّ عليها أن يحسّ.
ولمّا أزال عليه السلام وهمه من جهة الكيفيّة والأينيّة، أراد الإيراد من جهة الزمان، وقال الرجل: «فأخبِرْني متى كان؟» وهذا سؤال عن ابتداء زمان وجوده وكونه.
وسقط من نسخ الكافي التي رأيناها جواب هذا السؤال، والسؤالُ الذي أجاب عنه عليه السلام بقوله: «إنّي لمّا نظرت إلى جسدي» إلخ والساقط موافقا لما أورده الصدوق من هذه الرواية في عيون أخبار الرضا هكذا: «قال أبو الحسن عليه السلام : أخبرني متى لم يكن فاُخبرك متى كان؟ قال الرجل: فما الدليل عليه؟» ۱ انتهى ۲ .

1.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۱، ص ۱۲۰، باب ۱۱، ح ۲۸؛ كتاب التوحيد، ص ۲۵۱، باب ۳۶، ح ۳.

2.هذه العبارة وردت في الكافي المطبوع.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
414

بالفاعل ۱ . انتهى.

[استدلال المؤلّف على نفي تركيبه تعالى]

ومن سوانحي في نفي تركيبه من الأجزاء التحليليّة العقليّة أنّ كلّ واحد من تلك الأجزاء إمّا واجب، أو ممكن، أو بعضها ذاك، وبعضها ذلك؛ لامتناع خلوّ موجود منهما، والأوّل باطل لبراهين الواحديّة، والثاني والثالث أيضا باطلان؛ لاستحالة احتياج الواجب في الوجود إلى الممكن إن احتاج الكلّ إلى الجزء المحمول عليه في الوجود من حيث إنّ نسبة هذا الوجود إلى الجزء متقدّم على نسبته إلى الكلّ، ولاستحالة كون الجزء في الموجوديّة ممكنا محتاجا إلى الغير، والكلّ لا يحتاج في تلك الموجوديّة بعينها إن كان الجزء المحمول متّحدا مع الكلّ في الموجوديّة، على أنّ الثالث أيضا يوجب تعدّده، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا. هذا، وقد استدلّ بدليل آخر على تجرّده تعالى، وسيجيء ذكره إن شاء اللّه تعالى.

[استدلال قدماء المتكلّمين على نفي جسميّته تعالى]

واستدلّ قدماء المتكلّمين على نفي جسميّته تعالى بوجوه:
الأوّل: أنّ كلّ جسم حادث للدليل الذي استدلّوا به على حدوث الأجسام، والواجب قديم، فالواجب ليس بجسم.
الثاني: أنّ كلّ جسم متحيّز بالضرورة، والواجب ليس كذلك؛ لما مرّ من الدلائل التي لا... ۲ على نفي جسميّته تعالى.
الثالث: أنّ الواجب لو كان جسما فإمّا أن يتّصف بجميع صفات الأجسام، فيلزم اجتماع

1.رسالة إثبات الواجب الجديدة (المطبوع في سبع رسائل) ص ۱۳۷ ـ ۱۳۹.

2.كلمة لا تقرأ، وظاهرها : «تبتني».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126272
صفحه از 739
پرینت  ارسال به