417
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

معلول، ولا تحقّق معلول من حيث هو معلول بدون علّة، فبالضرورة يجب تساوي عدد العلل والمعلولات، سواء كانتا متناهيتين أو غير متناهيتين. فلو ذهبت سلسلة العلل والمعلولات إلى غير النهاية، ولا شكّ في أنّ سلسلةَ المعلولات ـ وهي مجموع المعلول الأخير مع ما فوقه إلى غير النهاية ـ زائدٌ على سلسلة العلل ـ وهي ما فوق المعلول الأخير إلى غير النهاية ـ بواحد فيلزم ۱ تحقّق معلول لا تكون بإزائه علّة في تلك السلسلة، وهو محال؛ لاستحالة تحقّق المعلول بدون العلّة. وهذا ما هو المشهور [ب] برهان التضايف في إبطال التسلسل، وعلى ما قرّرناه لا يرد عليه شيء كما لا يخفى على المتدبّر.
ولا يذهب عليك أنّ هذا البرهان يدلّ على امتناع ترتّب اُمور غير متناهية، سواء كانت مجتمعة في الوجود أو متعاقبة. وهذا ما وعدناك بيانه في إبطال مطلق التسلسل، سواء كان على سبيل الاجتماع، أو التعاقب.
ويمكن تقرير الحديث بوجه آخر بأن يقال: معناه أنّه إذا نظرنا إلى بدننا ورأينا تركيبه وتغيّره وحدوثه بعد ما لم يكن، جزمنا بأنّه ممكن وحادث زماني، وأنّا نعلم أنّ كلّ ممكن، أو حادث محتاج إلى مؤثّر موجود مباين له خارج عنه إمّا بالضرورة، أو بحكم المقدّمات السابقة المركوزة إجمالاً في الفطرة الصحيحة، فمؤثّره إن كان واجبا فهو المطلوب، وإن كان ممكنا، فننقل ۲ الكلام إليه وهكذا، فإمّا أن ننتهي إلى الواجب بالذات وهو المطلوب، أو يدور، وهو محال؛ لاستحالة تقدّم الشيء، أو توقّفه على نفسه، أو يتسلسل، وحينئذٍ إمّا يلزم انتهاء السلسلة على تقدير عدم نهايتها، أو مساواة الجزء للكلّ، وهما محالان.
بيان الملازمة أنّه لو تسلسلت العلل والمعلولات إلى غير النهاية فنفرض من معلول معيّن بطريق التصاعد سلسلةً غير متناهية، ومن الذي فوقه سلسلةً اُخرى إلى غير النهاية أيضا، ثمّ نطبّق الجملتين من مبدئهما بأن نفرض الأوّل من الثانية بإزاء الأوّل من الاُولى،

1.جواب «لو».

2.في النسخة: «وننقل».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
416

۰.قال الرجل : فأخبِرْني متى كانَ؟ قال أبوالحسن عليه السلام : «أخبرني متى لم يَكُنْ فأخبِرَك متى كانَ» .
قال الرجل: فما الدليل عليه؟ فقال أبوالحسن عليه السلام : «إنّيلمّا نظرتُ إلى جسدي ولم يُمْكِنّي فيه زيادَةٌ ولا نُقصانٌ في العَرْض والطول ، ودفعِ المكارهِ عنه ، وجَرِّ المنفعةِ إليه ، عَلِمْتُ أنَّ لهذا البُنيانِ بانيا ، فأقررتُ به ، .........

وحاصل الجواب أنّه إنّما يقال: «متى كان» لما لم يكن ثمّ كان، والمبدأ الأوّل الواجب بالذات يستحيل عليه العدم، ولم يصحّ أن يقال فيه: «لم يكن» حتّى يصحّ أن يقال فيه: «متى كان».
ولمّا زالت شبهة الرجل في إنكار المبدأ الواجب ووهمه فيه، سأل عن الدليل على وجوده تعالى بقوله: (فما الدليل عليه؟) وأجابه عليه السلام بقوله: (إنّي لمّا نظرتُ إلى جسدي) إلخ.
وهذا تنبيه على وجود الصانع المبدأ الأوّل، وبرهان على وجود الواجب بالذات بوجوه:

الوجه الأوّل

ـ وهو ما أشار إليه عليه السلام بقوله: (إنّي لمّا نظرتُ إلى جسدي) إلى قوله: (مع ما أرى من دوران الفلك) ـ استدلال بما يجده في بدنه من أحواله وانتظام تركيبه واشتماله على ما به صلاحُه ونظامه وعدم استنادها إلى نفسه؛ لكونها من آثار القدرة وعدم قدرته عليها.
على أنّ لهذا البنيان بانيا صانعا قادرا على إيجاده، فإن كان صانعه واجب الوجود بالذات فهو المطلوب، وإلّا فكان ممكنا، وكلّ ممكن موجود محتاج في وجوده إلى مؤثّر موجود مباين له خارج عنه بالضرورة، أو بحكم المقدّمات السالفة، وننقل الكلام إلى مؤثّره وهكذا، فإمّا أن تنتهي سلسلة الممكنات المعلولة إلى الواجب وهو المطلوب، أو يدور وهو محال؛ لاستحالة توقّف الشيء، أو تقدّمه على نفسه، أو يتسلسل ويلزم منه وجود معلول بلا علّة؛ لأنّ سلسلة المعلولات على هذا التقدير زائد على سلسلة العلل بواحد هو المعلول الأخير، وهو محال؛ لاستحالة تحقّق المعلول بدون العلّة بالضرورة.
توضيح ذلك أنّ العلّة والمعلول متضايفان لا يمكن تحقّق علّة من حيث هي علّة بدون

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126277
صفحه از 739
پرینت  ارسال به