421
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

المرتّبة لا يظهر الانتقال؛ لأنّ الزيادة ربّما يكون في الأوساط؛ لعدم اتّساق آحادها، فلا يلزم الانقطاع.
وبعبارة اُخرى أنّ الجملتين لا شكّ في زيادة أحدهما على الاُخرى في جهة التناهي، وبالتطبيق تنتقل تلك الزيادة إلى الجهة الاُخرى، فيلزم الانقطاع، ولمّا لم يكن لغير المرتّبة اتّساق نظام، لم يكن التطبيق بحيث يُظهر انتقال تلك الزيادة إلى الجهة الاُخرى.
ويمكن دفع ذلك بأن يقال: الاُمور الغير المتناهية مطلقا تستلزم ۱ الترتّب؛ لأنّ المجموع متوقّف على المجموع بلا واحد، وهذا المجموع متوقّف على المجموع بلا اثنين وهكذا، فإذا توهّم تطبيق المجموعات المترتّبة، يظهر التناهي في المجموعات، والمجموع الذي ينتهي إليه سلسلة المجموعات يكون لا محالة مجموعا لا يكون بعده مجموع آخر، وذلك هو الاثنان، فالمجموعات الموجودة هناك تنتهي بعدّة متناهية إلى الاثنين، فيكون المجموع الأوّل متناهيا.
وإن شئت قلت: لا بدّ من تحقّق الواحد والاثنين والثلاثة وهكذا إلى غير النهاية فتنطبق السلسلة المبتدأة من الواحد على السلسلة المبتدأة ممّا فوقه.
فإن قلت: إنّما يلزم ما ذكرت لو كان العدد مركّبا من الأعداد التي تحته وهو ممنوع، كما اشتهر عن أرسطاطاليس أنّ العدد مركّب من الوحدات لا من الأعداد التي هي أقلّ منه؛ فإنّ تركّب العشرة من أربعة وستّة ليس أولى من تركّبه من الثمانية والاثنين، ولا من غيرها من الأعداد التي تحتها، فإمّا أن يقال: تركّبه منها جميعا، فيلزم أن يكون له أجزاء متخالفة متغايرة، فيتعدّد (ظ) تمام مهيّة شيء واحد وهو محال، وإمّا أن يقال بنفي تركّبه منها. ولمّا بطل الأوّل تعيّن الثاني.
قلت: هذا الكلام ۲ إنّما يتمشّى إذا كان لكلّ عدد صورة نوعيّة مغايرة لوحداته. أمّا إذا

1.في النسخة: «يستلزم».

2.في النسخة: «للكلام».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
420

ثمّ لا يخفى أنّه إذا ثبت جريان التطبيق فالمحذور الذي يظهر منه هو إمّا الانتهاء على تقدير عدمه، أو مساواة الجزء للكلّ. وهذان المحذوران يجريان في صورة التعاقب أيضا؛ فإنّ العدد الذي يساوي جزؤه كلّه مستحيل في نفس الأمر، بمعنى أنّه يستحيل عروضه في نفس الأمر لشيء من الأشياء سواء كان آحاده مجتمعة، أو غير مجتمعة؛ فإنّ البديهة حاكمة بأنّ طبيعة العدد بل الكمّ مطلقا يأبى عن قبول مساواة جزئه لكلّه؛ فليتأمّل.

[شرط الفلاسفة في بطلان التسلسل]

واعلم أنّ الفلاسفة شرطوا في بطلان التسلسل الاجتماع والترتّب، وقد سبق آنفا حال الشرط الأوّل، وأمّا الشرط الثاني فقد وجّهوا اشتراطه بأنّه لو لم يكن بين الآحاد ترتّب لم يمكن للعقل التطبيق؛ إذ لا نظام فيها مضبوطا حتّى يلزم من تطبيق بعضها على بعضٍ انطباقُ الكلّ على الكلّ، بخلاف الآحاد المترتّبة؛ فإنّه يلزم هناك من تطبيق المبدأ على المبدأ انطباق كلّ واحد من آحاد السلسلة الثانية على نظيره من آحاد السلسلة الاُولى.
واستوضح ذلك بسلسلة ممتدّة وكفّ من الحصى ، فإنّه يكفي في الأوّل تطبيق المبدأ على المبدأ، وفي الثانية لا بدّ من تطبيق كلّ واحد على سبيل التفصيل، وذلك ممّا يعجز عنه العقل في صورة عدم التناهي. وعلى هذا الشرط اعتمدوا في قولهم بعدم تناهي النفوس الناطقة المجرّدة.
ويرد عليه أنّه إن كفى التطبيق الإجمالي فهو جارٍ في غير المرتّبة بأن يلاحظ العقل أنّ كلّ واحد من تلك الجملة إمّا أن يكون بإزائه واحد آخر أو لا، وعلى الأوّل يلزم المساواة، وعلى الثاني يلزم الانقطاع، وإن لم يكف التطبيق الإجمالي لم يمكن في صورة الترتّب أيضا؛ إذ لا يتمكّن العقل من ملاحظة كلّ واحد واحد بإزاء واحد واحد مفصّلاً.
ودعوى أنّ التطبيق الإجمالي كافٍ في المرتّبة دون غير المرتّبة تحكّمٌ، بل لهم أن يدفعوا ذلك بأنّه في السلسلة المرتّبة ينتقل الزيادة إلى طرف اللاتناهي، فيظهر الانقطاع، وفي غير

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125471
صفحه از 739
پرینت  ارسال به