423
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

المأخوذ فيه الهيئة الاجتماعيّة الاعتباريّة المعدومة، فالأجزاء بأسرها موجودة، فيكون المجموع بهذا المعنى موجودا، ولا شكّ في أنّه ممكن؛ لاحتياجه إلى كلّ واحد من الممكنات المأخوذة فيه، والمحتاج ـ خصوصا إلى الممكن ـ ممكن، فله علّة فاعليّة مستقلّة في الإيجاد، بأن لا يستند وجود شيء من أجزائه إلّا إليه، أو إلى ما هو صادر عنه؛ لضرورة احتياج كلّ معلول إلى علّة كذلك، فعلّته إمّا نفس المجموع، أو جزؤه، أو أمر خارج عنه، والأوّل باطل ۱
ضرورة وجوب تقدّم العلّة على المعلول، وامتناع تقدّم الشيء على نفسه، والثاني أيضا باطل من وجهين:
أحدهما: لأنّ علّة الكلّ يجب أن تكون ۲ علّة لكلّ جزء إذا كان كلّ واحد من أجزائه ممكنا؛ لأنّ كلّ ممكن محتاج إلى علّة، فلو لم يكن علّة المجموع علّة لكلّ جزء، لكان بعض الأجزاء معلّلاً بعلّة اُخرى، فلا يكون ما فرض علّة للمجموع وحده علّةً له بل لبعضه فقط، وإذا كان علّة لكلّ جزء، فيكون ذلك الجزء علّة لنفسه بل لعلله أيضا.
وثانيهما: لأنّ كلّ جزء فرض علّة للمجموع، فإنّ علّته أولى منه بالعلّيّة؛ لأنّها أكثر تأثيرا منه؛ لكون ذلك الجزء أثرها، وليس أثرا لنفسه، فيلزم ترجيح المرجوع على تقدير التسلسل، وترجيحُ المساوي ـ وهو في الفساد شريك لترجيح المرجوح ـ على تقدير الدور، وحينئذٍ تندفع شبهة ما فوق المعلول الأخير؛ لأنّه جزء الجملة ۳ . وإذا بطل القسمان تعيّن الثالث،

1.في النسخة: «بطل».

2.في النسخة: «يكون».

3.في هامش النسخة: ويمكن دفع شبهة ما فوق المعلول الأخير بوجهٍ مشهور تلخيصه : أنّ كلّ ما هو علّة ومعلول وسط بين الطرفين الخارجين؛ لأنّه لمّا كان علّة فبالضرورة يكون لا معلول، ولمّا كان معلولاً فبالضرورة يكون لا علّة، والمفروض أنّ مجموع سلسلة ما فوق المعلول الأخير إلى غير النهاية علّة للمعلول الأخير وهو معلول أيضا؛ لأنّه مركّب، وكلّ مركّب معلول، فلا بدّ من معلول خارج عنه وهو المعلول الأخير، و... علّة خارج عنه وهي علّة غير معلول؛ فإنّ كلّ ما فرض أنّه علّة ومعلول داخل في تلك السلسلة، وهذا مع أنّه مثبت لوجوب الواجب مستلزم لكون الغير المتناهي محصورا بين الحاصرين وهو محال. وعلى هذا فهذا الدليل وإن لم يكن مبتنيا على بطلان التسلل لكنّه مستلزم لبطلانه وذلك لا يضرّنا كما لا يخفى على المتأمّل (منه عفي عنه).


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
422

كان محض الآحاد، فلا يتصوّر ذلك، وحينئذٍ يكون كلّ مرتبة من الأعداد نوعا آخر متميّزا عن سائر المراتب بخصوصيّة المادّة فقط لا بصورة مغايرة لمادّتها، ويكون هذا من خواصّ الكمّ المنفصل. والعجب أنّ بعض المتأخّرين ـ مع تصريحه بأنّ العدد محض الوحدات وليس فيه صورة نوعيّة ـ نفى تركّبه من الأعداد. ومن البيّن أنّ واحدا وواحدا يكون جزءَ واحدٍ وواحدٍ وواحدٍ. ثمّ عدم تركّب العدد من الأعداد التي تحته لا ينافي تركّب معروض العدد من معروض تلك الأعداد؛ فإنّا نعلم بديهةً أنّ زيدا وعمرا جزءُ زيد وعمرو وخالد، فإنّ مجموعَ زيد وعمرو، أي معروض الهيئة الاجتماعيّة، مغايرٌ لمجموع زيد وعمرو وخالد؛ أعني معروض تلك الهيئة الاجتماعيّة، وليس المعروض الاُولى خارجا عن المعروض الثانية، ولا عينا له فيكون جزءً منه.
وعلى ذلك يبتني ما اختاره بعض المحقّقين في مذهب الفلاسفة من استناد المعلولات المتكثّرة إلى الاُمور الموجودة دون الاعتبارات العقليّة بأن يصدر عن «أ» وَحْده «ب» وعن «ب» وَحْده «ج» وعن مجموع «أ ب» «د» حتّى تحصل ۱ معلولات متكثّرة في مرتبة واحدة، وعلّة يبتني البرهان المشهور على إثبات الواجب من غير توقّف على إبطال الدور والتسلسل.
تقريره أنّه لا شكّ في وجود ممكن مّا كالمركّبات، فإن كان مستندا إلى الواجب ابتداءً أو بواسطة، ثبت المطلوب، وإلّا فلا يخلو إمّا أن يذهب سلسلة العلل إلى غير النهاية؛ إذ كلّ ممكن فله علّة، أو يدور سلسلة الاستناد في شيء من المراتب، وعلى كلّ واحد من تقديري التسلسل والدور نقول: جميعُ الممكنات ـ أي تلك الآحاد بأسرها بحيث لا يشذّ عنها ممكن ـ موجودٌ؛ إذ لو كان معدوما، لكان جزءٌ من أجزائه معدوما؛ ضرورة أنّ ما يوجد جميع أجزائه فهو موجود، ونحن ما اعتبرنا إلّا تلك الآحاد الموجودة فقط لا المجموع

1.في النسخة: «يحصل».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126360
صفحه از 739
پرینت  ارسال به