425
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

الوهم ينبو ۱ عن تناهيه، ويتوهّم أنّ هاهنا امتدادا زمانيا غير متناهٍ، كما ينبو عن تناهي الامتداد المكاني، ويتوهّم أنّ هاهنا امتدادا مكانيا غير متناهٍ، فكما لا عبرة بحكم الوهم في الامتداد المكاني لا عبرة به في الامتداد الزماني أيضا، وإذا كان الزمان متناهيا لم يكن شيء قبله لا لأنّه غير متناهٍ، كما أنّه ليس فوق المجرّد (ظ) شيء لا لأنّ المكان غير متناهٍ، فاللّه تعالى متقدّم على الزمان لا بالزمان، بل بنحو آخر من التقدّم لا يبعد أن يسمّى تقدّما ذاتيا كما ذكره المتكلّمون.
وهذه مقدّمات إذا لاحظها الذكيّ، انقلع من نفسه الركون إلى قدم العالم؛ واللّه الموفِّق لنيل الصواب.
تذييل
من براهين إبطال التسلسل ما يسمّى بالبرهان العرشي استخرجه صاحب الإشراق ۲ .
تقريره أن يقال: لو ترتّب اُمور غير متناهية، كان ما بين مبدئها وكلّ واحد من الذي قبله متناهيا؛ لأنّه محصور بين حاصرين، فيكون الكلّ متناهيا؛ لأنّ الكلّ لا يزيد على ما بين المبدأ وكلّ واحد إلّا بالطرفين.
واعترض عليه بأنّه لا يلزم من تناهي كلّ واحد من أجزاء السلسلة الواقعة بين المبدأين تناهي السلسلة بأسرها، فإنّ هذا الحكم من قبل ۳ أن يقال: ما بين «أ» و«ب» أقلّ من ذراع، وما بين «ب» و«ج» أقلّ منه، فيلزم أن يكون ما بين «أ» و«ج» أقلّ منه، فإنّه غير صحيح.
واُجيب ۴ عنه بأنّه ليس من هذا القبيل؛ لأنّ المبدأ هناك واحد بخلافه في المثال، بل من

1.في هامش النسخة: نَبا السيف عن الضريبة: كلَّ. وجنبُه عن الفِراش: لم يَطْمَئِنَّ عليه. والسهمُ عن الهدف: قصّر. من (ق) [القاموس، ج ۴، ص ۵۷۰ (نبو)].

2.كتاب التلويحات (مجموعه مصنّفات شيخ اشراق) ج ۱، ص ۲۰.

3.في رسالة إثبات الواجب للدواني (المطبوع في رسائل سبع) ص ۱۰۳: «قبيل».

4.المجيب هو الإيجي في المواقف، ج ۱، ص ۴۵۸.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
424

فيكون علّته أمرا موجودا خارجا عن السلسلة، والموجود الخارج عن جميع الممكنات واجب لذاته وهو المطلوب.
وفي هذا البرهان أنظار وأجوبة ذِكْرُها يوجب التطويل، وبهذا التقرير يندفع كثير منها، فعلم أنّ المتعدّد الأقلّ جزء من المتعدّد الأكثر، وما يتوهّم ـ من أنّه ليس هناك إلّا الآحاد ـ وهْمٌ فاسد مخالف لحكم العقل.
فإن قلت: فعلى ما ذكرت يلزم أن يكون معلومات اللّه تعالى متناهية، وإلّا انتقض البرهان به.
قلت: لو كان علم الواجب بالأشياء بصور مفصّلة، لكان الأمر كما ذكرت، لكن ذلك ممنوع، بل الحقّ ـ كما مرّ تحقيقه ـ أنّ علمه تعالى واحد بسيط عين ذاته تعالى، كما ذهب إليه المحقّقون، فلا تعدّد في المعلومات بحسب علمه، فلا يتصوّر التطبيق.
فإن قلت: معلومات اللّه تعالى غير متناهية، سواء كان العلم المتعلّق بها واحدا، أو متعدّدا، فيجري التطبيق في المعلومات.
قلت: على تقدير حدوث العالم كما هو الحقّ تكون الممكنات المتّصفة بالوجود الخارجي متناهية؛ لأنّ الحوادث لها مبدأ، والحوادث الاستقباليّة لا تبلغ مبلغ اللاتناهي؛ فإنّها ليست غير متناهية وإن كانت غير واقفة عند حدّ، فالتطبيق إن كان بحسب وجودها في علم اللّه تعالى، فهي هناك متّحدة غير متكثّرة، وإن كان بحسب وجودها في الخارج، فهي متناهية. وكذا مقدوراته تعالى والأعداد فإنّها غير متناهية لا يقفيّة، والموجود منها دائما متناهي ۱ ، فلا يجري التطبيق في شيء منها، هذا.
اعلم أنّه كما أنّ البعد المكاني متناهٍ ومع ذلك ارتكز في العقل المشوب بالوهم أنّ هاهنا امتدادا غير متناهية، والعالم واقع في جزء من أجزائه، كذلك الامتداد الزماني متناهٍ وإن كان

1.كذا. والصواب ظاهرا : «متناهٍ».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 126313
صفحه از 739
پرینت  ارسال به